ومما ذكر ابن عبد البر في كتابه «بهجة المجالس» عن أبي العباس أحمد بن يحيى الشيباني، أنه أنشد:

إن صحبنا الملوك تاهوا وعقوا ... واستخفوا كبرًا بحق الجليس

أو صحبنا التجار صرنا إلى البؤس ... وعدنا إلى عداد الفلوس

فلزمنا البيوت نستخرج العلم ... ونملا به بطون الطروس

قلت: ولا يراد بما ذكر: قطع كل صلة بكل مخالف وفاسق؛ فقد يخالط ويدارى لحضه على الخير أو لاجتناب شره، إلا أن هذه المخالطة والمداراة لا يحسن من فاعلها أن تبلغ مبلغ الصحبة الصرفة، وإنما هي لإيثار مصلحة أو دفع مفسدة.

أما إيثار المصلحة؛ فبمعاشرته بحسن الخلق ومداراته بحنكة، فيبعث ذلك على ترقق قلبه، ويحفزه على التأسي بأهل الفضل وترك قبيح الأفعال.

وقد روي عن علي أنه قال: «خالط المؤمن بقلبك، والفاجر بخلقك».

وروي عن عبد الله بن جعفر أنه قال: «كمال الرجل بخلال ثلاث: معاشرة أهل الرأي والفضيلة، ومداراة الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015