فإن قيل: هذا النوع من الشفاعة يتعارض مع قوله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدَّثر: 48]، قيل الجواب من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن المراد بالآية هنا: لا تنفعهم شفاعة الشافعين في الخروج من النار؛ كعصاة الموحدين الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة (?).
الوجه الثاني: أن هذه حالة خاصة بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في حق أبي طالب خاصة، وهي مستثناة من قوله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدَّثر: 48]، ونحوها من الآيات؛ وذلك لما كان لأبي طالب من نصرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ودفاع عنه، وهو مع ذلك لم يخرج من النار.
الوجه الثالث: أن هذه الشفاعة هي شفاعة تخفيف فقط، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشفع له في دخول الجنة ولا الخروج من النار، وإنما شفع له في تخفيف العذاب (?).
النوع الرابع: الشفاعة في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب:
جاء هذا في حديث أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: اللهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» (?).