كَيفَ وَأَن تَفْسِير الْأَمر بالإرادة مَعَ التَّسْلِيم بِكَوْن البارى آمرا بأفعالنا مِمَّا يَسْتَحِيل على أصل المعتزلى لضَرُورَة كَونهَا مخلوقة لنا عِنْده وَتعلق الْإِرَادَة بِفعل الْغَيْر تمن وشهوة لَا أَنَّهَا إِرَادَة حَقِيقِيَّة وَذَلِكَ على الله مُمْتَنع فقد بَان أَن مَدْلُول صِيغَة الْأَمر لَيْسَ هُوَ نفس إِرَادَة الإمتثال وَكَذَا يُمكن إِيضَاح سَائِر أَقسَام الْكَلَام
وَلَا جَائِز أَن تكون الْإِرَادَة لإحداث الصِّيغَة فَإِنَّهُ لَيْسَ مدلولها ثمَّ إِن مدلولات أَقسَام الْكَلَام مُخْتَلفَة وَلَا اخْتِلَاف فِي إِرَادَة إِحْدَاث الصِّيغَة من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك
وَلَا جَائِز أَن تكون الْإِرَادَة لجعل الصِّيغَة دَالَّة على الْأَمر فَإِنَّهُ تَصْرِيح بِأَن الْإِرَادَة وَرَاء الْأَمر الَّذِي هُوَ مَدْلُول قَوْله أَمرتك وَأَنت مَأْمُور ثمَّ إِن الْأَلْفَاظ إِنَّمَا هِيَ دَلَائِل وتراجم عَن اشياء وكل ذى عقل سليم يقْضى بِأَن قَول الْقَائِل امرتك ونهيتك لَيْسَ تَرْجَمَة عَن إِرَادَة جعلهَا دَالَّة على شئ مُخَصص
وَعند هَذَا فَلَا بُد من الْعود إِلَى نفس مدلولها فَإِن كَانَ نفس الْإِرَادَة فقد أبطلناه وَإِن كَانَ غَيرهَا فَهُوَ الْمَقْصُود كَيفَ وَأَن الأنسان يجد من نَفسه بَقَاء مَا دلّت عَلَيْهِ لَفْظَة أَمرتك من الطّلب والاقتضاء وَإِن عدمت اللَّفْظَة والإرادة جعلهَا دَالَّة على شئ مَا فقد امْتنع بِهَذَا تَفْسِيره بالإرادة
وَلَا سَبِيل إِلَى تَفْسِيره إِذْ بِالْقُدْرَةِ عبارَة عَن معنى يَتَأَتَّى بِهِ الإيجاد بِالنِّسْبَةِ إِلَى كل مُمكن وَالْأَمر والنهى لَا يتَعَلَّق بِكُل مُمكن فَإِذا الْقُدْرَة أَعم من الْأَمر والنهى من وَجه