على التَّصْدِيق بكبراها وَبِمَ الرَّد على منكرها والجاحد لصدقها فِي نَفسهَا وَالَّذِي يدل على كذبهَا فِي نَفسهَا أَنه لَو كَانَ لله كَلَام لم يخل إِمَّا أَن يكون من جنس كَلَام الْبشر أَو لَيْسَ فَإِن كَانَ من جنس كَلَام الْبشر فَهُوَ محَال وَإِلَّا لزم أَن يكون مشاركا لكَلَام الْبشر فِي جِهَة الْإِمْكَان والعرضية وَيلْزم أَن يكوى البارى تَعَالَى محلا للأعراض وَهُوَ معتذر ثمَّ ان كَانَ من جنس كَلَام الْبشر فَأَما ان يكون من جنس كَلَام اللِّسَان أَو مِمَّا فِي النَّفس فَإِن كَانَ من جنس كَلَام اللِّسَان فإمَّا أَن يكون بحروف وأصوات أَولا بحروف وَلَا أصوات اَوْ صَوت بِلَا حرف اَوْ حرف بِلَا صَوت
لَا جَائِز أَن يُقَال بِالْأولِ إِذْ الصَّوْت لَا يكون إِلَّا عَن اصطكاكات أجرام والحروف هِيَ عبارَة عَن تقطيع الْأَصْوَات وَذَلِكَ يستدعى أَن يكون البارى جرما وَهُوَ مُمْتَنع وَلَا جَائِز أَن يُقَال بالثانى وَإِلَّا فَهُوَ خَارج عَن جنس اللِّسَان فَإِن كَلَام اللِّسَان عبارَة عَن الْأَصْوَات مقطعَة دَالَّة بِالْوَضْعِ على غَرَض مَطْلُوب وعَلى هَذَا يمْتَنع تَفْسِيره بالثالث وَالرَّابِع أَيْضا ثمَّ كَيفَ يكون الْكَلَام حروفا بِلَا أصوات وَلَيْسَت الْحُرُوف إِلَّا عبارَة عَن تقطيع الْأَصْوَات أَو كَيفَ يكون الصَّوْت كلَاما من غير حرف وَكَيف يَقع الِافْتِرَاق بَينه وَبَين هبوب الرِّيَاح ودوى الرعود ونقرات الطبول وَنَحْوه
هَذَا إِن قيل إِنَّه من جنس كَلَام اللِّسَان وَإِن قيل إِنَّه من جنس مَا فِي النَّفس فَذَلِك لَا يُسمى كلَاما وَلَو سمى كلَاما فالمعقول من كَلَام النَّفس لَيْسَ خَارِجا عَن الْقُدْرَة والإرادة والتمييز الْحَاصِل للنَّفس الحيوانية والحواس الباطنية وَذَلِكَ كَمَا تتصوره الْقُوَّة الخيالية من شكل الْفرس عَن شكل الْحمار وَنَحْوه وَمَا تتصوره الْقُوَّة الوهمية