طَرِيق إِثْبَات الْوَاجِب
ذهب الْمُحَقِّقُونَ من الإسلاميين وَغَيرهم من أهل الشَّرَائِع الماضيين وَطَوَائِف الإلهيين إِلَى القَوْل بِوُجُوب وجود مَوْجُود وجوده لَهُ لذاته غير مفتقر إِلَى مَا يسند وجوده إِلَيْهِ وكل مَا سواهُ فوجوده مُتَوَقف فِي إبداعه عَلَيْهِ وَلم نخالفهم فِي ذَلِك إِلَّا سَواد لَا يعْرفُونَ وَطَوَائِف مَجْهُولُونَ فَلَا بُد من الفحص عَن مطلع نظر الْفَرِيقَيْنِ والكشف عَن مُنْتَهى أقدم الطَّائِفَتَيْنِ ليحق الْحق وَيبْطل الْبَاطِل وَلَو كره الْمُشْركُونَ
ومبدأ النّظر ومجال الْفِكر ينشأ من الْحَوَادِث الْمَوْجُودَة بعد الْعَدَم فَإِن وجودهَا إِمَّا أَن يكون لَهَا لذاتها أَو لغَيْرهَا لَا جَائِز أَن يكون لَهَا لذاتها وَإِلَّا لما كَانَت مَعْدُومَة وَإِن كَانَ لغَيْرهَا فَالْكَلَام فِيهَا وَإِذ ذَاك فإمَّا أَن يقف الْأَمر على مَوْجُود هُوَ مبدأ الكائنات ومنشأ الحادثات أَو يتسلسل الْأَمر إِلَى غير النِّهَايَة فَإِن قيل بالتسلسل فَهُوَ مُمْتَنع
أما على الرَّأْي الفلسفي فلأنا إِذا فَرضنَا ممكنات لَا نِهَايَة لأعدادها يسْتَند بَعْضهَا إِلَى بعض فِي وجودهَا وفرضنا بالتوهم نُقْصَان عشرَة مِنْهَا مثلا فإمَّا أَن يكون عَددهَا مَعَ فرض النُّقْصَان مُسَاوِيا لعددها قبله أَو أنقص أَو أَزِيد لَا جَائِز أَن يكون مُسَاوِيا إِذْ النَّاقِص لَا يساوى الزَّائِد فَإِن قيل أَنه أَزِيد فَهُوَ أَيْضا ظَاهر الإحالة وَإِن قيل أَنَّهَا أنقص فأحدهما