وَلم أزل على ذَلِك بُرْهَة من الزَّمن مجانبا للإخوان إِلَى أَن سَأَلَني من تعيّنت على إجَابَته وتحتمت على تلبيته أَن أجمع لَهُ مشكلات درره وَأبين مغمصات غرره وأبوح بمطلقات فَوَائده وأكشف عَن أسرار فرائده
فاستخرت الله تَعَالَى فِي أسعافه بِطَلَبِهِ واستعنته فِي قَضَاء أربه فشرعت فِي تأليف هَذَا الْكتاب وترتيب هَذَا العجاب وأودعته أبكار الأفكار وضمنته غوامض الْأَسْرَار منبها على مَوَاضِع مواقع زلل الْمُحَقِّقين رَافعا بأطراف استار عورات المبطلين كاشفا لظلمات تهويلات الْمُلْحِدِينَ كالمعتزلة وَغَيرهم من طوائف الإلهيين على وَجه لَا يُخرجهُ زِيَادَة التَّطْوِيل إِلَى الْملَل وَلَا فرط الِاخْتِصَار إِلَى النَّقْص والخلل تسهيلا على طالبيه وتيسيرا على راغبيه وسميته غَايَة المرام فِي علم الْكَلَام وَقد جعلته مُشْتَمِلًا على ثَمَانِيَة قوانين وضمنتها عدَّة مسَائِل قَوَاعِد الدّين وَهُوَ الْمَسْئُول أَن يعصمنا فِيمَا نحاوله من كل خلل وزلل وَأَن يوفقنا لكل صَوَاب من قَول وَعمل إِنَّه على مَا يَشَاء قدير وبإجابة الدُّعَاء جدير