إِلَّا للفرار من حمل أعباء أُمُور الْمُسلمين وَالْخَوْف من شدَّة التَّكْلِيف والتقليد لتدبير أُمُور الدّين أَو الامتحان لتعرف الْمُوَافق من الْمُخَالف أَو غير ذَلِك من الِاحْتِمَالَات وَمَعَ ذَلِك فَلَا ينْهض الاقتيال شُبْهَة فى دَرْء الِاسْتِحْقَاق وَكَذَلِكَ قَوْله وليتكُمْ وَلست بِخَيْرِكُمْ فَإِنَّهُ يحْتَمل أَنه أَرَادَ التَّوْلِيَة فى الصَّلَاة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن الْمَعْلُوم أَنه لم يكن إِذْ ذَاك أخير من قوم فيهم الرَّسُول وَيكون فَائِدَة ذكر ذَلِك الِاحْتِجَاج على جَوَاز تَوليته بعد الرَّسُول بطرِيق التَّنْبِيه بالأدنى على الْأَعْلَى وَيحْتَمل أَنه أرد بقوله وَلست بِخَيْرِكُمْ أى فى الْعَشِيرَة والقبيلة إِذْ الهاشمى أفضل من القرشى وَإِن لم يكن شرطا فى الْإِمَامَة وَيحْتَمل انه أَرَادَ ذَلِك قبل التَّوْلِيَة وفى الْجُمْلَة لَيْسَ يلْزم من نفى الْأَفْضَلِيَّة أَن يكون مفضولا بل من الْجَائِز أَن يكون مُسَاوِيا وَمَعَ ذَلِك فعقد الْإِمَامَة لَهُ يكون جَائِزا بالِاتِّفَاقِ

وَقَول عمر رضى الله عَنهُ مَعَ مَا كَانَ يحْتَج على النَّاس بإمامته ويدعوهم إِلَى طَاعَته وتمسكه فى ذَلِك بِعَهْد أَبى بكر وولايته لَا يجوز أَن يحمل على أَن خِلَافَته كَانَت بَاطِلَة وَإِلَّا فان ذَلِك مِمَّا يُوجب الْخبط فى قَوْله والهجر فِيهِ وَلَا يخفى على أحد مَا كَانَ عمر عَلَيْهِ من الْأَمَانَة والديانة وَالْعقل الْكَامِل والرزانة فَمَعْنَى قَوْله كَانَت فلتة أى عَن غير مشورة وَقَوله وقى الله شَرها أى شَرّ الْخلاف فِيهَا وَقَوله فَمن عَاد إِلَى مثلهَا فَاقْتُلُوهُ أى إِلَى مثل مُخَالفَة الْأَنْصَار فى نصبهم إمامين وَقَوْلهمْ منا أَمِير ومنكم امير وَمَعَ هَذِه الِاحْتِمَالَات وانقداح هَذِه الخيالات يخرج مَا ذَكرُوهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015