ثمَّ إِن الْإِجْمَاع لَا بُد وَأَن يعود إِلَى مُسْتَند من الْكتاب وَالسّنة وَلَو كَانَ للْإِجْمَاع مُسْتَند لقد كَانَت الْعَادة تحيل أَن لَا ينْقل مَعَ توفر الدواعى إِلَى نَقله فَحَيْثُ لم ينْقل لَهُ مُسْتَند علم أَنه غير وَاقع فى نَفسه
وَأَيْضًا فَإِن تعاون النَّاس على أشغالهم وتوفرهم على إصْلَاح أَحْوَالهم وَأَخذهم على أيدى السُّفَهَاء مِنْهُم وَالْقِيَام بِمَا يجب عَلَيْهِم فى دينهم ودنياهم مِمَّا تحدوهم إِلَيْهِ طباعهم وأديانهم وَيدل على ذَلِك انتظام حَال العربان وَأهل البوادى والقفار الخارجين عَن أَحْكَام السُّلْطَان فَإِذا قَامُوا بذلك فِيمَا بَينهم لم يكن لإِقَامَة وَاحِد مِنْهُم يحكم عَلَيْهِم فِيمَا يَفْعَلُونَهُ ويتأمر عَلَيْهِم فِيمَا يصنعونه تعين
لَا سِيمَا وَمَا من مسئلة اجتهادية إِلَّا وَيجوز لكل وَاحِد من الْمُجْتَهدين أَن يُخَالِفهُ فِيهَا بِمَا يُؤدى إِلَيْهِ اجْتِهَاده وَكَيف يكون وَاجِب الطَّاعَة مَعَ جَوَاز الْمُخَالفَة وَمَا الْفَائِدَة فى نَصبه نعم إِن أدّى اجتهادهم إِلَى أَن يقيموا أَمِيرا ورئيسا عَلَيْهِم يتَكَلَّف أُمُورهم ويرتب جيوشهم ويحمى حوزتهم وَيقوم بذلك على وَجه الْعدْل والإنصاف فَلهم ذَلِك من غير أَن يلْزمهُم من تَركه حرج فى الشَّرْع أصلا ثمَّ إِن ذَلِك يستدعى كَون الطَّرِيق متواترا وَقد عرف مَا فِيهِ فِيمَا مضى