وَمَا ذكرتموه من تَسْبِيح الْحَصَى وانشقاق الْقَمَر وتكليم الغزالة وحنين الْجذع وَنَحْو ذَلِك فآحاد هَذِه الامور غير مَعْلُومَة وَلَا منقولة بطرِيق التَّوَاتُر وَإِنَّمَا هى مستندة إِلَى الْآحَاد وهى مِمَّا لَا سَبِيل إِلَى التَّمَسُّك بهَا فى القطعيات وَإِثْبَات النبوات

وزادت العنانية على هَؤُلَاءِ فَقَالُوا قد ثَبت أَن مُوسَى الكليم كَانَ نَبيا صَادِقا بِمَا ظهر على يَده من شقّ الْبَحْر وقلب الْعَصَا حَيَّة وَبَيَاض يَده إِلَى غير ذَلِك وَقد نقل عَنهُ بالتواتر خلق عَن سلف أَنه قَالَ لِقَوْمِهِ هَذِه الشَّرِيعَة مُؤَبّدَة عَلَيْكُم لَازِمَة لكم مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض فقد كذب كل من أدعى نسخ شَرِيعَته وتبديل مِلَّته فَلَو قُلْنَا إِن مُحَمَّدًا كَانَ نَبيا وَإِن شَرعه نَاسخ بطرِيق الصدْق للَزِمَ أَن يكون مُوسَى الكليم فِيمَا قَالَه كَاذِبًا وَهُوَ محَال

وزادت الشمعنية على العنانية بِأَن قَالُوا لَو جَازَ أَن يكون مُحَمَّد نَبيا لجَاز القَوْل بنسخ الشَّرَائِع والنسخ فى نَفسه محَال فَإِنَّهُ اذا أَمر بشئ فَذَلِك يدل على حسنه وَكَونه مرَادا وَأَن فِيهِ مصلحَة فَلَو نهى عَنهُ انْقَلب الْحسن قبيحا والمصلحة مفْسدَة وَمَا كَانَ مرَادا غير مُرَاد وَيلْزم من ذَلِك البداء والندم بعد الْأَمر والطلب وَهُوَ مُمْتَنع فى حق الله تَعَالَى ثمَّ إِن مَدْلُول النّسخ فى الْوَضع لَيْسَ إِلَّا الرّفْع وَذَلِكَ لَا سَبِيل إِلَى تحَققه فِيمَا أَمر بِهِ وَنهى عَنهُ فَإِنَّهُ أما أَن يكون الرّفْع لما وَقع أَو لما لم يَقع فَإِن كَانَ لما وَقع فَهُوَ محَال وَإِن كَانَ لما لم يَقع فَرفع غير الْوَاقِع محَال أَيْضا كَمَا وَقع فى الْوَاقِع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015