ظَاهرا وَالْعرب قد تستعير اسْم الْمَدْلُول لدليله بِجِهَة التجور التَّوَسُّع كَمَا تستعير اسْم السَّبَب لمسببه فعلى هَذَا مهما كَانَ مُصدقا بالجنان على الْوَجْه الذى ذَكرْنَاهُ وَإِن أخل بشئ من الْأَركان فَهُوَ مُؤمن حَقًا وَانْتِفَاء الْكفْر عَنهُ وَاجِب وَإِن صَحَّ تَسْمِيَته فَاسِقًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أخل بِهِ من الطَّاعَات وارتكب من المنهيات وَلذَلِك صَحَّ إدراجه فِي خطاب الْمُؤمنِينَ وإدخاله فِي جملَة تكليفات الْمُسلمين بقوله {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} وَنَحْو ذَلِك من الْآيَات
وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يزنى حِين يزنى وَهُوَ مُؤمن فَإِنَّهُ وَإِن صَحَّ لم يَصح حمله على نفى الْإِيمَان بِمَعْنى الطَّاعَة والإذعان لتعذر الِاشْتِقَاق من اسْم أَيْمَان فَيحْتَمل أَنه أَرَادَ حَالَة الاستحلال وَيحْتَمل أَنه أوردهُ فِي معرض الْمُبَالغَة فِي الزّجر والردع وَهُوَ وَإِن كَانَ خلاف الظَّاهِر لكنه أولى لما فِيهِ من الْجمع بَينه وَبَين مَا ذَكرْنَاهُ من الْأَدِلَّة الدَّالَّة على كَونه مُؤمنا وَإِبْطَال التعطيل لما ذَكرْنَاهُ مُطلقًا نعم لَا ننكر إِمْكَان دُخُول الشَّك والريبة لما يحصل من التَّصْدِيق بالجنان ثَابتا بِالنِّسْبَةِ إِلَى من لَيْسَ بمعصوم بِنَاء على شُبْهَة وخيال وَلذَلِك كَانَ بعض السّلف يَقُول أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله وَلَيْسَ المُرَاد بِمَا علقه على الْمَشِيئَة إِلَّا اسْتِمْرَار مَا هُوَ حَاصِل عِنْده عِنْد الله من التَّصْدِيق والطمأنينة لَا نفس التَّصْدِيق الْحَاصِلَة فَإِن تَعْلِيق