فَذَهَبت الْمُعْتَزلَة على مُوجب أصلهم فِي إنقسام الْأَعْرَاض إِلَى بَاقِيَة وَغير بَاقِيَة إِلَى منع جَوَاز إِعَادَة الْأَعْرَاض الْغَيْر الْبَاقِيَة كالحركات والأصوات وَنَحْوهَا وَزَعَمُوا أَنه لَو تصور وجودهَا فِي وَقْتَيْنِ يفصلهما عدم لجَاز القَوْل بوجودهما فِي وَقْتَيْنِ متتاليين وَذَلِكَ فِي الْأَعْرَاض الْغَيْر الْبَاقِيَة محَال وَمن الْأَصْحَاب من زَاد على هَؤُلَاءِ لحيث منع من جَوَاز إِعَادَة الْأَعْرَاض مُطلقًا وَزعم أَن الْإِعَادَة لِمَعْنى فَلَو جَازَ إِعَادَة الْأَعْرَاض للَزِمَ أَن يقوم الْمَعْنى بِالْمَعْنَى وَهُوَ مُمْتَنع

وَمذهب أهل الْحق من الإسلاميين أَن إِعَادَة كل مَا عدم من الحادثات فَجَائِز عقلا وواقع سمعا وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين أَن يكون جوهرا أَو عرضا فَإِنَّهُ لَا إِحَالَة فِي القَوْل بقبوله للوجود وَإِلَّا لما وجد بل مَا قبل الْوُجُود فِي وَقت كَانَ قَابلا لَهُ فِي غير ذَلِك الْوَقْت أَيْضا وَمن أنشأه فِي الأولى قَادر على أَن ينشئه فِي الْأُخْرَى كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابه الْمُبين الْوَارِد على لِسَان الصَّادِق الْأمين {قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة وَهُوَ بِكُل خلق عليم} وَقَوله {وَهُوَ الَّذِي أحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ إِن الْإِنْسَان لكفور}

وَمَا قيل من اسْتِحَالَة إِعَادَة الْأَعْرَاض المتجددة شَاهدا فمأخوذ من القَوْل باستحالة استمرارها وَهُوَ غير مُسلم ثمَّ لَا يلْزم من جَوَاز وجودهَا فِي زمنين منفصلين بَينهمَا عدم أَن يُقَال بوجودها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015