وَإِطْلَاق الْأَصْحَاب أَن الْحسن والقبيح لَيْسَ إِلَّا مَا حسنه الشَّرْع أَو قبحه فتوسع فِي الْعبارَة إِذْ لَا سَبِيل إِلَى جحد أَن مَا وَافق الْغَرَض من جِهَة الْمَعْقُول وَأَن لم يرد بِهِ الشَّرْع الْمَنْقُول أَنه يَصح تَسْمِيَته حسنا كَمَا يُسمى مَا ورد الشَّرْع بتسميته حسنا كَذَلِك وَذَلِكَ كاستحسان مَا وَافق الْأَغْرَاض من الْجَوَاهِر والأعراض وَغير ذَلِك وَلَيْسَ المُرَاد بإطلاقهم إِن الْحسن مَا حسنه الشَّرْع أَنه لَا يكون حسنا إِلَّا مَا أذن فِيهِ أَو أخبر بمدح فَاعله وَكَذَا فِي جَانب الْقبْح أَيْضا
وَبعد هَذَا فَلم يبْق إِلَّا الرَّد على أهل الضلال وَهُوَ أَن يُقَال
الْحَاكِم بالْحسنِ والقبح على مَا حكم بِكَوْنِهِ حسنا أَو قبيحا إِمَّا الْعقل أَو الشَّرْع لَا محَالة فَإِن كَانَ الْحَاكِم هُوَ الْعقل فَلَا محَالة أَن مَا حكم الْعقل بِهِ من التحسين والتقبيح لَو خلى ودواعى نَفسه فِي مبدأ نشوئه إِلَى حِين وَفَاته من غير الْتِفَات إِلَى الشَّرَائِع والعادات والأمور الاصطلاحيات والموافقات للأغراض والمنافرات لم يجد إِلَى الحكم الْجَزْم بذلك سَبِيلا
وَإِذا لم يكن فِي الحكم بِهَذِهِ الْأُمُور بُد من النّظر إِلَى مَا قدرناه فهى لَا محَالة مُخْتَلفَة بِالنِّسْبَةِ وَالْإِضَافَة إِذْ رب شئ حكم عَلَيْهِ عقل إِنْسَان مَا بِكَوْنِهِ حسنا لكَونه مُوَافقا لغرضه أَو لما فِيهِ من مصْلحَته أَو دفع مفسدته أَو لكَونه جَارِيا على مُقْتَضى عَادَته وَعَادَة قومه عرفا أَو شرعا وَقد يحكم عَلَيْهِ عقل غَيره بِكَوْنِهِ قبيحا لكَونه مُخَالفا لَهُ فِيمَا وَافق غَرَضه وَذَلِكَ كَالْحكمِ على ذبح الْحَيَوَان بالْحسنِ والقبح بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل الشَّرَائِع الْمُخْتَلفَة وكالحكم بالْحسنِ