وَمِمَّا اعْتمد عَلَيْهِ أَيْضا أَن قيل الرُّؤْيَة معنى لَا يتأثر بِهِ المرئى وَلَا يتأثر مِنْهُ لَا بِأَفْعَال وَلَا بانفعال وَمَا هَذَا حكمه فِي تعلقه فَلَا مَانع من تعلقة وَصَارَ حكمه حكم الْعلم من غير فرق
وَاعْلَم أَن هَذِه الطَّرِيقَة مَعَ احتاجها إِلَى تَقْرِير معنى التَّأْثِير وَحصر الْمَوَانِع بأسرها ونفيها مِمَّا لَا حالصل لَهَا وَذَلِكَ أَنه لَا يخفى ان تعلق الشئ بِغَيْرِهِ لَيْسَ مِمَّا يتم بِانْتِفَاء التَّأْثِير وَزَوَال الْمَانِع بل لابد من بَيَان الصلاحية للتعلق بَين المتعلقين وَلَو انْتَفَى كل مَا يقدر من الْمَوَانِع وَعند الْعود إِلَى بَيَان الصلاحية والقبولية يرجع الْكَلَام إِلَى الْوُجُود وتصحيحة للتعلق وَقد انْتهى القَوْل فِيهِ
فَإِذا التَّحْقِيق فِي إِيضَاح الطَّرِيق يتَوَقَّف على بَيَان معنى الْإِدْرَاك والكشف عَن حَقِيقَته فَنَقُول الْإِدْرَاك عبارَة عَن كَمَال يحصل بِهِ مزِيد كشف على مَا يخيل فِي النَّفس من الشئ الْمَعْلُوم من جِهَة التعقل بالبرهان أَو الْخَبَر وَلِهَذَا نجد التَّفْرِقَة بَين كَون الصُّورَة مَعْلُومَة للنَّفس مَعَ قطع النّظر عَن تعلق الحاسة الظَّاهِرَة بهَا وَبَين كَونهَا مَعْلُومَة مَعَ تعلق الحاسة بهَا فَإِذا هَذَا الْكَمَال الزَّائِد على مَا حصل فِي النَّفس بِكُل وَاحِدَة من الْحَواس هُوَ الْمُسَمّى إدراكا كَمَا مضى وَقد بَينا أَن هَذِه الإدراكات فِيمَا مضى لَيست بِخُرُوج شئ من الْآلَة الدراكة إِلَى الشئ الْمدْرك وَلَا بانطباع صُورَة الْمدْرك فِيهَا وانما هُوَ معنى يخلقه الله تَعَالَى فِي تِلْكَ الحاسة وَقد بَينا أَن البنية الْمَخْصُوصَة لَيست بِشَرْط لَهُ كَمَا مضى بل لَو خلق