بل هُوَ النّظر إِلَى نَفسه من حَيْثُ هُوَ كَلَام وَاحِد وَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا بِاعْتِبَار إضافات مُتعَدِّدَة وتعلقات متكثرة لَا توجب للمتعلق فِي ذَاته صفة زَائِدَة وَلَا تعددا كَمَا أسلفنا فِي الطّرف الأول من التَّحْقِيق

وَهُوَ على نَحْو قَول الفيلسوف فِي المبدأ الأول حَيْثُ قضى بوحدته وَإِن تكثرت أسماؤه بِسَبَب سلوب وإضافات وَأُمُور لَا توجب صِفَات زَائِدَة على الذَّات هَذَا كُله إِن سلكنا فِي التكثر مَذْهَب الإِمَام أَبى الْحسن الأشعرى وَإِلَّا إِن سلكنا مَذْهَب عبد الله ابْن سعيد فِي أَن الْأَمر والنهى وَغير ذَلِك لَا يكون إِلَّا عِنْد تحقق المتعلقات وَأَن الْكَلَام خَارج عَنْهَا أَو مَا نقل عَن بعض الْأَصْحَاب من أَنه إثبت لله تَعَالَى من الْكَلَام خمس كَلِمَات هِيَ خمس صِفَات وهى الْأَمر والنهى وَالْخَبَر والإستخبار والنداء فالإشكال يكون مندفعا

وعَلى مَا ذَكرْنَاهُ من التَّحْقِيق يتَبَيَّن أَن من قَالَ من الْأَصْحَاب الْقَائِلين بنفى التكثر إِن الْأَوَامِر والنواهى وَغَيرهَا صِفَات خَارِجَة عَن الْكَلَام وَلم يرد بِهِ مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ فقد أَخطَأ

وَأما مَا اعتمدوه من الظَّوَاهِر الظنية والأدلة السمعية فقد سبق وَجه الِانْفِصَال عَنْهَا فَلَا حَاجَة إِلَى التَّطْوِيل وبإعادة

فَإِن قيل عَاقل مَا لَا تمارى نَفسه فِي انقسام الْكَلَام إِلَى أَمر وَنهى وَغَيره وَأَن مَا انقسم إِلَيْهِ حقائق مُخْتَلفَة وَأُمُور متنافرة متمايزة وَأَنَّهَا من أخص أَوْصَاف الْكَلَام لَا أَن الأختلاف رَاجع إِلَى نفس الْعبارَات والاعتبارات الحارجة فَإنَّا لَو قَطعنَا النّظر عَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015