على وحدة إِلَّا لحَاجَة (وَجَاز للْحرّ بِأَن يجمع) الْبَاء زَائِدَة (بَين أَرْبَعَة) بِالتَّاءِ بِمَعْنى أَرْبَعَة أشخاص أَي يجوز للْحرّ أَن يجمع بَين أَربع من الزَّوْجَات لقَوْله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} وَلخَبَر غيلَان وَقد أسلم وَتَحْته عشرَة نسْوَة أمسك أَرْبعا وَفَارق سائرهن (وَالْعَبْد بَين زَوْجَتَيْنِ) لِأَنَّهُ على النّصْف من الْحر والمبعض كَالْعَبْدِ فَإِن نكح الْحر خمْسا مَعًا وَلَيْسَ فِيهِنَّ نَحْو أُخْتَيْنِ بطلن أَو مُرَتبا فالخامسة وَتحل الْأُخْت وَالْخَامِسَة فِي عدَّة بَائِن لَا رجعى لِأَنَّهَا فِي حكم الزَّوْجَة (وَإِنَّمَا ينْكح حر) مُسلم (ذَات رق) أَي رقيقَة غير أمة فَرعه ومكاتبه وموقوفة عَلَيْهِ وموصى لَهُ بمنافعها بِشَرْط أَن تكون (مسلمة) فَلَا يحل نِكَاح أمة كَافِرَة وَلَو كِتَابِيَّة ومملوكة لمُسلم لقَوْله تَعَالَى {فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} بل لَا ينكها الرَّقِيق الْمُسلم لِأَن الْمَانِع من نِكَاحهَا كفرها فساوى الْحر وَيجوز للْحرّ الْكِتَابِيّ نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدّين بِشَرْط أَن يخَاف زنا وَأَن يفقد حرَّة صَالِحَة للاستمتاع و (خوف الزِّنَا) وَإِن لم يغلب على ظَنّه وُقُوعه بل يتوقعه وَلَو على ندور بِأَن تغلب شَهْوَته وتضعف تقواه بِخِلَاف من ضعفت شَهْوَته أَو قوى تقواه أَو قدر على التَّسَرِّي بشرَاء أمة قَالَ الله تَعَالَى {ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت مِنْكُم} أَي الزِّنَا وَأَصله الْمَشَقَّة سمى بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَببهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا والعقوبة فِي الْآخِرَة وَعلم من هَذَا الشَّرْط أَن من تَحْتَهُ أمة لَا ينْكح أُخْرَى (وَلم يطق صدَاق حرَّة) تصلح للاستمتاع وَلَو كِتَابِيَّة أَو رضيت بِأَقَلّ من مهر مثل قَالَ تَعَالَى {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات} والطول السعَة وَالْمرَاد بالمحصنات الْحَرَائِر وَذكر الْمُؤْمِنَات فِي الْآيَة جرى على الْغَالِب من أَن الْمُؤمن إِنَّمَا يرغب فِي المؤمنة وَمن أَن من عجز عَن مهر المؤمنة عجز عَن مهر الْكِتَابِيَّة لِأَنَّهَا لَا ترْضى بِالْمُؤمنِ إِلَّا بِمهْر كثير أما لَو كَانَ تَحْتَهُ حرَّة لَا تصلح بالاستمتاع أَو قدر عَلَيْهَا كَأَن تكون صَغِير أَو مَجْنُونَة أَو مجذومة أَو برصاء أَو قرناء أَو هرمة أَو مفضاة لَا تحْتَمل الْجِمَاع فَإِنَّهُ يحل لَهُ نِكَاح الْأمة وَلَو قدر على غَائِبَة حلت لَهُ أمة إِن لحقه مشقة ظَاهِرَة فِي قَصدهَا أَو خَافَ زنا مدَّته وَإِلَّا فَلَا تحل لَهُ الْأمة وَضَابِط الْمَشَقَّة الْمُعْتَبرَة أَن ينْسب متحملها فِي طلب الزَّوْجَة إِلَى الْإِسْرَاف ومجاوزة الْحَد وَلَو وجد حرَّة ترْضى بِلَا مهر أَو بمؤجل وَهُوَ يتَوَقَّع الْقُدْرَة عَلَيْهِ عِنْد الْمحل أَو وجد من يقْرضهُ أَو يَبِيعهُ نَسِيئَة أَو يستأجره بِأُجْرَة مُعجلَة أَو لَهُ مسكن وخادم حلت لَهُ الْأمة وَلَو وهب لَهُ مَال أَو أمة لم يلْزمه الْقبُول وَمن بَعْضهَا رَقِيق كالرقيق (وَحرم مسا من رجل لامْرَأَة) أَي يحرم على الرجل الْفَحْل مس شَيْء من امْرَأَة أَجْنَبِيَّة من شعر وَغَيره وَإِن أبين مِنْهَا لِأَنَّهُ إِذا حرم النّظر إِلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فالمس أولى لِأَنَّهُ أبلغ فِي اللَّذَّة وَقد يحرم الْمس دون النّظر كبطن محرمه وَكَذَا يحرم عَلَيْهِ النّظر إِلَى مَا ذكر وَشَمل كَلَامه الخصى والمحبوب والهرم والمخنث والعنين والمراهق كَالْبَالِغِ فَيلْزم وليه مَنعه من مس الْأَجْنَبِيَّة ونظرها ويلزمها الاحتجاب عَنهُ وَنظر الْمَمْسُوح وَهُوَ ذَاهِب الذّكر والانثيين وَنظر العَبْد إِلَى سيدته الأمينين كنظر الْمحرم الْآتِي وَشَمل كَلَامه الْأمة فَهِيَ كَالْحرَّةِ فَيحل النّظر إِلَى صَغِيرَة إِلَّا الْفرج أما هُوَ فَيحرم نظره من غير حَاجَة سَوَاء الذّكر وَالْأُنْثَى وَقَضِيَّة كَلَام النَّاظِم حُرْمَة نظر الرجل الْفَحْل إِلَى وَجه الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة وكفيها عِنْد أَمن الْفِتْنَة وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي الْمِنْهَاج لِاتِّفَاق الْمُسلمين على منع النِّسَاء من الْخُرُوج سافرات الْوُجُوه وَبِأَن النّظر مَظَنَّة الْفِتْنَة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاسن الشَّرْع سد الْبَاب والإعراض عَن تفاصيل الْأَحْوَال كالخلوة بالأجنبية وَلذَا قَالَ البُلْقِينِيّ التَّرْجِيح بِقُوَّة الْمدْرك وَالْفَتْوَى على مَا فِي الْمِنْهَاج وَنظر الْمَرْأَة إِلَى الْفَحْل الْأَجْنَبِيّ كنظره إِلَيْهَا وَأفهم كَلَام النَّاظِم أَنه يحل نظر الرجل إِلَى الرجل وَنظر الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة وَهُوَ كَذَلِك فِيمَا عدا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَأَنه يحل نظر الْكَافِرَة للمسلمة