لتفاوت الإنفاق، وحثّ على طلب المحل القابل، وتقديم الأولى والأحوج. (أُولَئِكَ) هم المنفقون (أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا) بعد فتح مكة، (وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) أي: من المنفقين السابقين واللاحقين موعود بالجنة وإن تفاوت حالهم. وقرأ ابن عامر (وَكُلٌّ) بالرفع على الابتداء والفعلية خبر بحذف العائد، والنصب أحسن؛ لعدم التقدير.
(وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) يعلم نية المنفق إخلاصاً ورياء. قيل نزلت في الصدِّيق. أنفق ماله في سبيل اللَّه حتى تخلل بعباء فجاء جبرائيل فقال لرسول اللَّه يقول اللَّه تعالى قل لأبي بكر " هل هو راضٍ عني في فقره؟ وسلم عليه مني ".
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ... (11) مثل حال المنفق في سبيل اللَّه بحال من أقرض إنساناً يؤديه إليه وقت احتياجه. والقرض الحسن: مالا يجر نفعاً ولا يطلب فيه زيادة.
(فَيُضَاعِفَهُ لَهُ) أَضْعَافَاً لا يعلمها غيره. قرأه بالنصب ابن عامر وعاصم بأن مضمرة بعد الفاء جواباً للاستفهام معنىً. وقرأ ابن كثير وابن عامر يُضعِّف مشدداً. وكما زاد " كَمًّا "، فكذلك عظم " كيْفاً " بقوله: (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) شريف لا كسائر الأجور يكون مع مهانة.
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ... (12) مقدر بـ " اذكر " فإنه يوم عظيم، أو ظرف ليضاعفه، أو له أجر كريم. (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) أي: يسرع نورهم قدامهم، وعن اليمن والشمائل، على قدر سيرهم. منهم من سيرهم كالبرق الخاطف، ومنهم