(فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14) أحياء، كقوله: (فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) والساهرة: الأرض البيضاء المستوية؛ لأنَّ السراب يجري فيها من قولهم: عين ساهرة أي: جارية، أو على المجاز؛ لأنَّ ساكنها لا ينام خوفاً. وعن قتادة: اسم جهنم. ولما كان الكلام من مفتتح السورة إلى هنا مسوقاً للتهديد، مدمجاً فيه تسلية رسوله، عقبّه بقصة موسى وفرعون؛ لعراقتها في هذا الباب.
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) أي: أليس قد أتاك حديثه المشتمل على نصره وقهر عدوّه؟، ففيه ما يسلّيك. ثمّ فصّله بقوله:
(إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) الذي قُدّس؛ لأنه مَهبطُ الوحي (طوًى) عطفُ بيان أو بدل. ونَوَّنَهُ الكوفيون وابن عامر بتأويل المكان.
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) على إرادة القول: (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) أي: هل لك رغبة في أن تتطهّر من رجس الكفر والطغيان. أرشده إلى طريق الدعوة بألطف طريق، وذلك أن يعرض عليه لِيؤامر نفسه ويرى رأيه، كما تقول للضيف: ألا تنزل بنا؟ وهذا فحوى قوله: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا) وقرأ نافع وابن كثير: تزَّكَّى بتشديد الزاي، على إدغام إحدى التائين في الزاي. وحذفها الآخرون تخفيفاً.