(عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) أي: هو عالم الغيوب كلها، ولا يطلع على غيبه المختص به، وهو ما يتعلق بذاته وصفاته وأفعاله.
(إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ... (27) ملكي أو بشري، فإنه يطلعه على ما يشاء من ذلك. ولا دلالة في هذا على أن غير ذلك المختص لا يطلع عليه غير الرسول، ولا يجوز حمله على العموم؛ لاستلزامه أن يكون " رسول " مطلعاً على جميع المغيبات. ولا دلالة في الآية على بطلان الكهانة والتنجيم، ولا أن كرامات الأولياء يكون تلقياً من الملائكة، ولا تخصيص الرسول بالملك. على أنَّ قوله: (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) أي: ملائكة يحفظونه من تخاليط الشياطين ظاهر في أنَّ المراد بالغيب: ما هو بطريق الوحي.
(لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ ... (28) علة لقوله: (يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) أي: ليتعلق علمه تعالى بإبلاغ الرسل ما أوحي إليهم؛ صانهم عن تخاليط الشياطين، أو ليعلم الرسول أن قد أبلغ جبرائيل والملائكة النازلون. (وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ) لدى الرسل من الشرائع والأحكام (وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا) كلّ ما دخل في الوجود في أي عالم كان، ومن هذا شأنه كيف يخفى عليه خافية؟ وكيف لا يحيط بما لدى الرسل؟.
* * *
تمَّت سورة الجان، والحمد للمنان، والصلاة على خلاصة الإنسان، وآله وصحبه إلى انصرام الزمان.
* * *