يَرَوْا) تصوير لقدرته الباهرة. والمعنى: " أم " الذي يقال فيه هذا الذي هو جند لكم أمنكم من عذاب اللَّه؟ على أن " أم " منقطعة والاستفهام تهكم. والمشار إليه إما فوج مقدر، أو أصنامهم. " من " مبتدأ، و " هذا " خبره، والموصول صفة " هذا "، و " ينْصُركُمْ " وصف لـ " جند " محمول على اللفظ. (إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) مستغرقون في الغفلة.
(أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ ... (21) أي: أم الذي يقال فيه هذا الذي يرزقكم؟ (إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) أي: اللَّه تعالى بإمساكه أسبابه، من المطر والإنبات. متعلق بإرسال الحاصب.
(بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ) تمادوا في العناد. (وَنُفُورٍ) وإعراض. وهذا أدل على إغراقهم في الكفر من قوله: (إلا في غرور). كما أن توهم الرزق من الأصنام، أو من فوج مقدر أبعد من تخيل النصر منها.
(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى ... (22) يقال: كببته فأكب، وعدوه من النوادر؛ لأن القياس كون المجرد مطاوعاً للمزيد. وقيل: ليس من ذاك بل المعنى: صار ذا كبّ كأغدّ البعير، ومعنى مشيه مكباً على وجهه يقع تارة ويقوم أخرى؛ لكونه ماشياً في غير الطريق، أو لكونه أعمى لا يبصر. (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) هذا مثل ضربه للكافر والمؤمن، فإن الكافر في ظلمات الشبه والشكوك كمن لا يرى جهة قصده، أو يسلك مكاناً وعراً، فهو بين قيام وسقوط، والمؤمن في نور إيمانه كمن يرى مواطئ قدميه، أو كمن سلك طريقاً جادة سهلة السلوك. وإن شئت شبهت الدينين بالمسلكين.