كانوا يقولون: " أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد فيخبره " (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) بضمائرها. فضلاً عن الصادر عنها سراً وجهراً.
(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ... (14) ألا يعلم السر والجهر من خلق الأشياء كلها؟! (وَهُوَ اللَّطِيفُ) الدقيق في صنعه، دقت حكمته في كل شيء، (الْخَبِيرُ) ببواطن الأشياء. وحذف المفعول من " خلق " للتعميم، ولا يجوز أن يكون من قبيل يعطي ويمنع؛ لارتباطه بما تقدم من حد بها السر فلا بد من ملاحظة المفعول. يجوز أن يكون " من " مفعولاً، وفي " يعلم " ضمير الرب أي: ألا يعلم اللَّه مخلوقه وهذا شأنه. والأول أوجه؛ لإقامة الظاهر مقام المضمر، ولكونه أدل على المحذوف، ولعموم المقدر المتناول له تناولاً أولياً.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ... (15) لينة يسهل عليكم سلوكها. (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا) في جوانبها. مثل في فرط التذلل؛ لأن منكب البعير أرق شيء فيه، وأنباه عن وطئ الراكب بقدمه، فإذا ذلل ذلك فقد بلغ التذليل غايته. وقيل: مناكبها جبالها، فالاستعارة فى لفظ المنكب. (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) ما أخرج منها أقواتاً وثماراً. (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) فاجتهدوا فى الشكر فإنه يسألكم عنها.
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ... (16) ملكوته وسلطانه. أو نفسه على زعم جهلة العرب. وقيل: الملك الموكل للعذاب وليس برصين. (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) كما خسف بقارون.