(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ... (3) بالحكمة البالغة مرتباً أسباب معايشكم فيها، (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) فخصكم بأحسن الصور بين المخلوقات، ليس فيها رشاقة قده، ولا صباحة خده، وانظر إن شئت العجب في تركيب بنانه وجواهر أسنانه، وقوس حاجبه ونبال أهدابه، بيدما أودع من القوى الدرَّاكة؛ ولذلك كان نسخة عالم الملك والمكوت. (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) فيسألكم عن النقير والقطمير، فاشكروا نعمه، واحذروا عذابه ونقمه.
(يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4) بمضمراتها فضلاً عن السر والعلن، فاستعملوا في عبادتكم ظواهركم، وطهروا سرائركم، وأخلصوا ضمائركم لتحمدوا عواقبكم.
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ... (5) قبلكم. أي: كفار مكة. بل قد أتاكم. (فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ) ووخامة كفرهم في الدنيا بالاستئصال، (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة.
(ذَلِكَ ... (6) المذكور من عذاب الدارين (بِأَنَّهُ) بأن الشأن (كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا) ينكرون كون البشر رسولاً مثلكم. يطلق على الواحد والجمع. (فَكَفَرُوا) بالرسل (وَتَوَلَّوْا) أعرضوا (وَاسْتَغْنَى اللَّهُ) بليغ الغنى عن كل شيء، فضلاً عن طاعتهم. (وَاللَّهُ غَنِيٌّ) في ذاته، وصفاته، وأفعاله. (حَمِيدٌ) ذاتاً، وصفة، وفعلاً، دلت على ذلك ذرات الكون.