رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن سلول فحلف أنه لم يقل شيئاً من ذلك، فقال عم زيد له: ما أردت إلى أن كذبك رسول اللَّه ومقتك. قال: فبت في شر ليلة، فلما قفل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لقيني في الطريق، ضحك في وجهي وفرك أذني، فلقيني عمر فقال: ماذا قال لك رسول اللَّه؟ قلت: ما زاد على أن ضحك في وجهي وفرك أذني. وكذلك سألني أبو بكر، فلما نزل قرأ عليهم السورة وقال: إن اللَّه قد صدقك يا غلام. ثم أرسل إليهم ليستغفر لهم لَوَّوْا رءوسَهم.
(سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ... (6) لا يؤمنون بك، ولا يعتدون باستغفارك. (لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)؛ لعلمه بأنهم أهل الدرك الأسفل، ومن الذين ذرأهم لجهنم.
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) المنهمكين في الكفر والنفاق.
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ... (7) قاله ابن سلول ذلك اليوم. (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قادر على إغناء محمد وأصحابه عن إنفاق الأنصار. وإنما وفق الأنصار لذلك؛ لينالوا به القربة والزلفى. (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) ذلك.
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ... (8) يريد بالأعز نفسه وبالأذل رسول اللَّه. (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) مختصة بهم لا حظَّ لغيرهم فيها، ولا ينافيه (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)؛ لأن عزة الرسول والمؤمنين عزة اللَّه تعالى. (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ) أعاد المظهر؛ لئلا يفارقهم هذا الوصف. (لَا يَعْلَمُونَ) ليسوا من ذوي العلم ليدركوا هذا الأمر الجلي. ولما كان في أمر الرزق نوع خفاء في بادئ الرأي جعل الفاصلة الفقه المنبئ عن نوع تعمل. وعن قتادة: أن ابنه عبد اللَّه لما بلغه ذلك جاء إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -