أهل الكتاب. ويدل عليه قوله: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) وذلك؛ لما رواه البخاري ومسلم رحمهما اللَّه أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أُجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ رَجلٌ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمحَمَّدٍ، وَعَبْدٌ مملوكٌ أَدّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقِّ مَواليهِ، ورَجُل لَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا". والكفْل: الحظ الوافر، والنصيب الكامل كأنه تكفل بالكفاية. (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) على الصراط يسعَى بَينَ أَيْديكمْ وَبِأَيْمَانِكمْ، أو نوراً ينقذكم به عن ظلمات الجهل. (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ما سلف لكم. (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) عن سعيد بن جبير - رضي الله عنهما -؛ افتخر مؤمنو أهل الكتاب بأن لهم الأجر مرتين، فأنزل اللَّه تعالى لمؤمني هذه الأمة، وزادهم النور والمغفرة. ويؤيده ما رواه البخاري أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الكِتَابَيْنِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ اليَهُودُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنَ العَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ "، فَغَضِبَتِ اليَهُودُ، وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا، وَأَقَلَّ عَطَاءً؟ قَالَ: «هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟» قَالُوا: لاَ، قَالَ: «فَذَلِكَ، فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». وما قيل، إن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أرسل جعفراً يدعو النجاشي إلى