مالاً وولداً، وأنت لا تملك ما أملك. (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) مثَّل حال الدنيا في قلة جدواها، وسرعة نقضها بحال نبات أنبته الغيث، فاستوى على سوقه اخضرِّ ناضراً وارِقاً، فأعجب الزراع شأنه، أو الكفار باللَّه؛ لقصور نظرهم إلى الدنيا، والمؤمن إذا رآه علم أن ما عند اللَّه هو الباقي، وأن هذا عن قريب زائل. ثم اصفرّ بعد تلك النضارة وتبدل حاله، ثم تكسر وذهب كأن لم يكن. (وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ) تنفير عن الركون إليه. (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ) حث على العمل المثمر ذلك.
(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) إلا شيء يسير ونفع قليل يغتر به.
(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ... (21) مسابقة الفرسان إلى إحراز قصب السبق.
(وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) إنما ذكر العرض؛ لأنه أقصر الامتدادين، فإذا كان حاله كذلك فما ظنك بالطول؟! والمراد جنس السماء، لقوله: (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ). فإن قلت: أيهما أبلغ؟ قلت: الثاني؛ لحذف أداة التِّشْبيه، والتصريح بما يدل على العدد. فإن قلت: لم اختص بموقعه؟ قلتّ: لأن الثاني في آل عمران، وهو متأخر نزولاً، فلو عكس لم يبق فائدة في ذكره. (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) الاستدلال به على أن مجرد الإيمان كافٍ، ليس بناهضٍ؛ لقوله في آل عمران: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) الذين نعتهم كيت وكيت. (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) من عباده من غير إيجاب؛ لأن العبد لا