ولهذا ذكر كل من السلف أنواعاً من هذا:

أحدها: الاختلاف في اليوم الذي يكون فيه الاجتماع، فاليوم الذي أمروا به يوم الجمعة فعدلت عنه الطائفتان، فهذه أخذت السبت، وهذه أخذت الأحد، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له: الناس لنا فيه تبع، اليوم لنا، وغدا لليهود، وبعد غد للنصارى"1. وهذا الحديث يطابق قوله تعالى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} 2.

وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي يقول: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" 3.

والحديث الأول يبين أن الله تعالى هدى المؤمنين لغير ما كان فيه المختلفون، فلا كانوا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، وهو مما يبين أن الاختلاف كله مذموم.

والنوع الثاني: القِبلة، فمنهم من يصلي إلى المشرق، ومنهم من يصلي إلى المغرب، وكلاهما مذموم لم يشرعه الله تعالى.

والثالث: إبراهيم، قالت اليهود كان يهودياً، وقالت النصارى. كان نصرانياً، وكلاهما كان من الاختلاف المذموم: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015