الأنصاري الشافعي، وذكر مولده ووفاته وتصانيفه ومن أخذ عنه، فلم يترك من فضائله شيئاً إلا وذكرها، ومن حق المترجم أن يذكر لمترجمه ما له وما عليه، ولم يبين ما ذكره أهل العلم فيه من تعصّبه في مذهبه والحط على المخالفين، وافترائه على أئمة المسلمين، واضطرابه في أقواله، وعدم ثباته على قول، ومن يراجع أقواله في "الزواجر والقواطع" ثم يوازن بينها وبين أقواله في "الجوهر المنظم" و "الفتاوى الحديثية" يجد ما قيل فيه واضحاً صريحاً، ولم يذكر أيضاً جهله بالحديث الصحيح وعدم خبرته بفنه حتى شحن كتاب "الصواعق" وكتاب "تطهير الجنان في الذب عن محاوية بن أبي سفيان" وغيرهما بالأحاديث الموضوعة والخرافات المكذوبة، ولا ذكر أيضاً انتحاله لكتب آخرين فنسبها لنفسه، ولا عجبه بنفسه ورأيه، كل ذلك قد أهمله مصنف "جلاء العينين" عفا الله عنه، ولم نعلم سبب ذلك، فهل تاقى غلاة الشافعية، أم لم يقف على ما ذكرناه مع شهرته، نعم سمعت أنه كتب رداً على كتاب "تطهير الجنان" وبيّن ما اشتمل عليه من مواقع النظر، وسمى ما كتبه "بصادق الفجرين في الجواب عن سؤال أهل البحرين" وبلغني أن هذا الكتاب متداول في الأنحاء العراقية، وأما "الصواعق" فقد رد عليها غير واحد.
والمقصود؛ أن كلام النبهاني هذا لا ورود له أصلاّ، بل هو محض عدوان اقتضاه منه عدم الإيمان، وأما ما أورده في تضاعيف كتابه من عدم تصحيح بعض نقوله فهو من مقتضيات قوانين المناظرة، كما لا يخفى على الخبير بها، العالم بأقسامها وضروبها.
ومنها قوله: وكذلك عامل بسوء هذا الصنيع- من قبيح التشنيع والتقريع- الإمام تقي الدين السبكي، حتى أنه لم يعبر عنه بلفظ الإمام ولا بلفظ شيخ الإسلام، بل إما أن يقول قال السبكي أو القاضي السبكي، وهو في الحقيقة المستحق للفظ شيخ الإسلام، لأنه كان قاضي قضاة الشام، مع كونه من أئمة العلماء الأعلام، ولقب شيخ الإسلام إنما كانوا يلقبون به قاضي القضاة، فابن تيمية بحسب هذا الاصطلاح لا يستحق لقب شيخ الإسلام، وإن كان من أكابر