فأجلنا البحث عنه والكلام عليه إلى وصولنا إليه، والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ثم إنه عقد باباً في إثبات مشروعية السفر إلى زيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم كسائر الأنبياء والصالحين، وجعله الباب الأول، وافتتحه بأرجوزة مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استدل على مشروعية هذا السفر بما ذكره ابن حجر في كتابه (الجوهر المنظّم) وقد أتى بأكثره، والكتاب مشهور، وبما ذكره ابن الحاج في "مدخله" وهو كذلك، ثم بما ذكره السبكي في (شفاء السقام) ثم بما ذكره الشيخ عبد القادر الكيلاني في "الغنية" ثم عقبه بكلام النووي، ثم بكلام ابن الهمام الحنفي في (فتح القدير) ثم بما في (مشارق الأنوار) للشيخ حسن العدوي ثم ذكر ما زوروه من مد اليد للرفاعي1، ثم ذكر أربعين حديثاً في فضل المدينة لأبي الحسن البكري، ثم ختم الباب بخاتمة ذكر اختلاف الناس في التفاضل بين مكة والمدينة، ثم ذكر فصلاً ذكر فيه شيئاً مما لا ينبغي فعله للزائر، نقله من كتاب (الجوهر المنظم) لابن الحجر المكي، ثم نقل عن العدوي كلاماً يتعلق بكرامات الأولياء وتصرفهم، وبه ختم الباب، وحيث أن هذه المباحث مشهورة، بل إنها قد ملتها الأسماع لم أذكرها في هذا المقام لطولها، بل أذكر حاصلها في أثناء الرد عليه، ومن الله التوفيق والهداية إلى أقوم طريق.
أقول: كان من الحزم عدم التعرض لهذه المسائل المفروغ عن تحقيقها، وقد سبق منا بيان العذر للكلام على هذيان النبهاني، مع العلم أنه لا يفيد في رد من ختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة، فإنه قد ألف في هذا الباب كتب مفصلة ومجملة، قد حقق فيها الكلام على هذه المسائل أتم تحقيق، ومع ذلك لم يؤثر شيئاً في فهم هذا الخصم وأضرابه، وأعاد وأبدى، واستدل بما هو مردود مراراً عديدة، فسبحان من طبع على قلبه.