وقال لما تكلم على قوله تعالى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} 1 من سورة والنازعات:
أنه إقسام من الله تعالى بطوائف من ملائكة الموت، وقيل غير ذلك، إلى أن قال: وفي حمل المدبرات على النجوم إيهام صحة ما يزعمه أهل الأحكام وجهلة المنجمين، وهو باطل عقلاً ونقلاً، كما أوضحنا ذلك فيما تقدم، وكذا في حملها على النفوس الفاضلة المفارقة إيهام صحة ما يزعمه كثير من سخفة العقول من أن الأولياء يتصرفون بعد وفاتهم بنحو شفاء المريض وإنقاذ الغريق والنصر على الأعداء، وغير ذلك مما يكون في عالم الكون والفساد، على معنى أن الله تعالى فوض إليهم ذلك، ومنهم من خص ذلك بخمسة من الأولياء، والكل جهل وإن كان الثاني أشد جهلا، إلى آخر ما قال.
وفيه أيضاً على قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} 2.
ذكر بعض الغلاة أنه إشارة إلى أنه لا ينبغي لمن يريد الدخول على الأولياء أن يدخل حتى يجد روح القبول والإذن بإفاضة المدد الروحاني على قلبه المشار إليه بالاستئناس، فإنه قد يكون للولي حال لا يليق للداخل أن يحضره فيه وربما يضره ذلك، وطرد بعض الصوفية ذلك فيمن يريد الدخول لزيارة قبور الأولياء، فقال: ينبغي لمن أراد ذلك أن يقف بالباب على أكمل ما يكون من الأدب ويجمع حواسه ويعتمد بقلبه طالباً الإذن، ويجعل شيخه واسطة بينه وبين الولي المزور في ذلك، فإن حصل له انشراح صدر ومدد روحاني وفيض باطني فليدخل دالا فليرجع، وهذا هو المعنى بأدب الزيارة عندهم.
قال المفسر رحمه الله في رده: ولم نجد ذلك عن أحد من السلف الصالح، والشيعة عند الزيارة للأئمة ينادي أحدهم أأدخل يا أمير المؤمنين؟ أو يا ابن بنت رسول الله؟ أو نحو ذلك، ويزعمون أن علامة الإذن حصول رقة القلب ودمع