وقال أبو حنيفة: الاعتبار بالاختلاط فمتى اختلطت النّجاسة بالماء نجس، إِلَّا أن يكون كثيرًا.
وحد الكثرة عنده: ما إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك الجانب الآخر، فإذا وقعت النّجاسة فيه فتحرك أحد جانبيه ففيه روايتان:
إحداهما: أنّه نجس، أعني: الجانب الّذي تحرك خاصّة، دون الجانب الّذي لم يتحرك، إلى حد يعلم التحرك منه، وانتشار النّجاسة فيه.
والرواية الأخرى: إنَّ الكل طاهر ولا يعتبر التغير أصلًا.
وقال الشّافعيّ: إنَّ كان الماء قلتين لم ينجس إِلَّا بالتغير، وإن كان دونها نجس وإن لم يتغير، وبه قال أحمد وإسحاق.
اختلف عن مالك في جلود الميِّتة من جميع الحيوانات بعد الدباغ، فالظاهر من مذهبه أنّها لا تطهر، ولكنها تستعمل في الجامدات، و [في] الماء خاصّة من سائر المائعات، [فإنّه قال في الماء: أتقيه في نفسي خاصّة، ولا أضيقه على النَّاس].
والرواية الأخرى: أنّها طاهرة كلها إِلَّا جلد الخنزير؛ لأنّ الذّكاة لا تعمل فيه فالدباغ أولى، [وسائر الحيوان غيره تتأتى فيه الذّكاة].
وبالقول الأوّل أخذ أحمد، إِلَّا أنّه لا يبيح الانتفاع منها في شيء ما؛ [لأنّها كلحم الميِّتة].
وبالثّاني أخذ أبو حنيفة، [إِلَّا في الخنزير كقولنا]، وكذلك الشّافعيّ إِلَّا [في الخنزير و] الكلب خاصّة.
وقال أبو يوسف وداود: يطهر جلد جميع الحيوانات بالدباغ والخنزير.
وقال الأوزاعي وأبو ثور: يطهر جلد كلّ ما يؤكل لحمه دون غيره.