وهما: الطريقة المغربية (وتضمّ مصر والمغرب)، والطريقة العراقية.
أ - فأمّا الطريقة المغربية: فقد عُنيت منذ بداياتها الأولى بتحقيق آراء مالك وأصحابه، وتنقيحها واختصارها وتجريدها، ويرجع ذلك - والله أعلم - إلى الدخول المبكّر للطبقة الأولى من تلامذة مالك الفقهاء، من أمثال: عثمان بن الحكم (163هـ)، وعبد الرّحمن بن خالد (163هـ) وهما أوّل من قدم بمسائل مالك إلى مصر، وعبد الله بن فروخ (176 هـ) بالقيروان، وزياد بن عبد الرّحمن (193 هـ) بالأندلس وغيرهم؛ وانتشار المذهب وهيمنته على تلك الربوع، مع قلّة المنافسين له.
ولهذا تركّز التأليف الفقهي عندهم على غرضين رئيسين هما:
1 - كتب السماعات عن مالك وتلاميذه والمدوّنات والفتاوى؛ مجرّدة عن الاستدلال والتعليل.
2 - كتب المختصرات لتلك السماعات والمدوّنات، ومختصرات فقهيّة أخرى هي بمثابة الزّبدة المعتمدة في الإفتاء والقضاء.
ب - وأمّا الطريقة العراقية: فقد اهتمّت بالبسط والتّفصيل والتّدليل والتّعليل، ويرجع ذلك - والله أعلم - إلى نوعيّة ناقلي المذهب هناك، فمعظمهم من المحدّثين الذين تلقّوا الموطَّأ عن مالك؛ كسليمان بن بلال (176 هـ) وعبد الله بن مسلمة القعنبيّ (221 هـ). وأمّا فقهاؤهم من الطّبقة الثّانية الذين لم يلقوا مالكًا، كأحمد بن المعذّل (قبل 240 هـ) فقد تتلمذوا على تلامذة الإمام المدنيّين، الذين ورثوا إمامة الحديث مع الفقه كعبد الملك بن الماجشون (212 هـ).
ومن الناحية الجغرافية؛ فإن العراق - فرّج الله عن أهله - كان عاصمة الخلافة، ومنبت المذهب الحنفي، وعرين مدرسة الرأي، يعجّ بمختلف المذاهب الفقهية والعقدية، مشحونًا بالتنافس فيما بينها، لا مكان فيه إلّا للحجّة والبرهان، وقوّة الاستدلال وفنون المناظرة.
ولهذا تنوّعت أغراض التأليف عندهم، وتوشعت إلى العلوم الّتي تخدم