اختلف أرباب القياس في المعنى الّذي يتعلّق به حكم الرِّبَا.
فأمّا النقود فلها علة تخصها، وهي كونها ثمنًا جنسًا، أو ثمن قيم للمتلفات جنسًا، وبه قال الشّافعيّ.
وأمّا الأربعة [المأكولة، فقد اختلف النَّاس فيها، فالذي نقول نحن]: فالعلّة فيها كونها مأكولة مدخرة، جنسًا أصلًا للمعاش غالبًا، وقيل: إنها مأكولة جنسًا على وجه تمس الحاجة إليه من القوت، وما يصلحه من المدخرات.
وأشار مالك إلى هذه العلّة حيث قال: لا يباع ما ييبس ويدخر من الفاكهة، اثنان بواحد إذا كان جنسًا، وما يؤكل رطبًا ولا يدخر؛ كالبطيخ والقثاء والجزر والخوخ والأترج والتفاح، فلا بأس به اثنان بواحد، وليس ما ادخر من هذا بالذي يحرم تفاضله، فإنّه خفيف وليس بأصل للمعاش.
وقال أبو حنيفة [53/أ]: علته كونه مكيلًا جنسًا، أو موزونًا جنسًا.
وقال الشّافعيّ في القديم: العلّة كونه مأكولًا مكيلًا جنسًا، أو مأكولًا موزونًا جنسًا.
وقال في الجديد: كونه مطعومًا جنسًا، [وهذا الّذي يعوّل عليه].
وقال ربيعة: كونه جنسًا تجب فيه الزَّكاة، ونفى ما عداه.
وقال سعيد بن جبير: العلّة تقارب المنفعة في الجنس الواحد أو الجنسين.
891 - مسألة:
ما كان من أموال الرِّبَا، إذا بيع بعضه ببعض متماثلًا من جنس واحد أو متفاضلًا من جنسين، فالتقابض فيه واجب، والتفرق فيه قبل القبض يبطل البيع فيه جميعه، [هذا مذهبنا]، وبه قال الشّافعيّ.
وبه قال أبو حنيفة في الذهب والفضة، وجوّز التفرق قبل القبض في الأشياء الأربعة مع صحة البيع.