وحجة مالك: أن الحدّ إنّما يقام على القاذف؛ لإزالة المعرة عن المقذوف؛ لأنّه حين رماه كان النَّاس فيه بين مصدّق ومكذب، فإذا زنى ثبتت المعرفة وسقط الحدّ، وحقق النَّاس صحة ما رماه به.

وأيضًا في دليل القياس: أنّه لما زنى الآن، فقد وقعت الشبهة أنّه زنى قبل هذا وقبل القذف.

ويدلُّ عليه ما روي عن عمر -رضي الله عنه -: إذا أراد أن يحد

رجلًا زنى، فقاأل: يا أمير المؤمنين، والله ما زنيت قط قبل هذه، فقال له عمر: "كَذبت، إنَّ الله تعالى أَكرَمُ مِن أَن يَفضَحَ عَبدًا بِأَوّل خَطِيئَة" (?). فأقام عليه الحدّ، ولسنا نقطع عليه بزنا قبل هذه.

822 - مسألة:

إذا عرّض بقذف زوجته أو أجنبيًّا في غضب وسباب ومشاتمة، بشيء يفهم منه ما يفهم من التصريح على الوجه الّذي يقوله، ولم تقم البينة في الزوجة فإنّه يلاعن وإلا حُدَّ، وحُدَّ الأجنبي عندي من وجه؛ أنّه يعتبر المواجهة فيه والمشاتمة والسباب، ولا يعتبر هذا في الزوجة، فلو ابتدأها بتعريض يفهم منه ما يفهم من قوله: "رأيتك تزني"، لكان له أن يلاعنها؛ لنفي النسب.

وأمّا الأجنبي فيحتاج إلى شيء آخر، وهو أن يقول له الأجنبي: "يا زاني ابن الزانية"، فيحتد ويحقد ويغضب، فيقول: "بعمري ما أحسن عفتك وعفة أمك"، و"يسأل النَّاس عني وعنك ليعرف الزاني منا"، و"أنت تعلم من يزني منا، حتّى يعلم كلّ أحد ما ترتكبه أنت، فإنك معروف عند جيرانك، وعند كلّ أحد"، وما أشبه ذلك من الكلام، ومما لا يخفى على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015