وقد تعدّى هذا العرفان والتّزكية إلى أعلام المذاهب الأخرى، فهذا أبو حامد الإسفراييني الشّافعيّ (406هـ)، أحد أقران القاضي ومنافسيه، يعترف أمام القاضي عبد الوهّاب ببراعته، فيقول عن كتابه (عيون الأدلة): "ما ترك صاحبكم لقائل ما يقول" (?).

- وهذا أبو إسحاق الشيرازي الشّافعيّ (476 هـ) على غزارة علمه، وسعة مطالعته، قرأ للقاضي وأعجب به، حتّى قال: "وله كتاب في مسائل الخلاف كبير، لا أعلم لهم كتابًا في الخلاف أحسن منه" (?).

- ولم يقتصر هذا العرفان على أهل صنعته من الفقهاء والأصوليين فحسب، بل تخطّى تحرّي المحدّثين وشدّة نقدهم، فهذا حافظ المشرق أبو بكر الخطيب البغدادي (463 هـ) يوثّقه في تاريخه (?)، ويقول عنه تلميذه أبو ذر الهروي: "كان ثقة قليل الحديث" (?).

- وقد صاحبت هذه الشّهرة، كتبه وتلاميذه لتصله بالأقطار البعيدة، فهذا القاضي عياض المالكي (544 هـ) يقول فيه: "كان أصوليًا نظّارًا" (?).

ونختم هذه الشهادات، بمقولة مشهورة عند أهل التراجم، وهي قولهم:

"لولا الشيخان (ابن أبي زيد وأبو بكر الأبهري)، والمحمدان (محمَّد بن سحنون ومحمد بن الموّاز)، والقاضيان (القاضي أبو الحسن ابن القصّار والقاضي عبد الوهّاب) لذهب المذهب المالكي" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015