أدام الله أَيَّام الْحَكِيم الأوحد الأمجد الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الرئيس رشيد الدُّنْيَا وَالدّين مُعْتَمد الْمُلُوك والسلاطين خَالِصَة أَمِير الْمُؤمنِينَ بلغه فِي الدَّاريْنِ نِهَايَة سؤله وأمانيه وكبت حَسَدْته وأعاديه

وَلَا زَالَت الْفَضَائِل مخيمة بفنائه والفواضل صادرة مِنْهُ إِلَى أوليائه

والألسن مجتمعة على شكره وثنائه وَالصِّحَّة مَحْفُوظَة بِحسن مراعاته والأمراض زائلة بتدبيره ومعالجته

الْمَمْلُوك يُنْهِي مَا يجده من الأشواق إِلَى خدمته والتأسف على الْفَائِت من مشاهدته

ووصلت المشرفة الْكَرِيمَة الَّتِي وجد بهَا نِهَايَة الأمل والإرشاد إِلَى المطالب الطبية الجامعة للْعلم وَالْعَمَل

وَقد جعلهَا الْمَمْلُوك أصلا يعْتَمد عَلَيْهِ ودستورا يرجع إِلَيْهِ

لَا يخليها من فكره وَلَا يخل بِمَا تتضمنه فِي سَائِر عمره

وَلَيْسَ للمملوك مَا يُقَابل بِهِ إِحْسَان مَوْلَانَا إِلَّا الدُّعَاء الصَّالح وَالثنَاء الَّذِي يكْتَسب من محاسنه النشر الْعطر الفائح

وَكَيف لَا أشكر وأنشر محَاسِن من لَا أجد فَضِيلَة إِلَّا بِهِ وَلَا أنال رَاحَة إِلَّا بِسَبَبِهِ

فَالله يتَقَبَّل من الْمَمْلُوك صَالح أدعيته وَيجْزِي مَوْلَانَا كل خير على كَمَال مروءته إِن شَاءَ

وأنشدني مهذب الدّين أَبُو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْخضر الْحلَبِي لنَفسِهِ يمدح الْحَكِيم رشيد الدّين ابْن الصُّورِي ويشكره على إِحْسَان أسداه إِلَيْهِ

(سرى طيفها والكاشحون هجود ... فَبَاتَ قَرِيبا والمزار بعيد)

(فيا عجبا من طيفها كَيفَ زارني ... وَمن دونه بيد تهول وبيد)

(وَكَيف يزور الطيف طرف مسهد ... لطيب الْكرَى عَن ناظريه صدود)

(وَفِي قلبه نَار من الوجد والأسى ... لَهَا بَين أحناء الضلوع وقود)

(وَقد أخلق السقم المبرح والضنا ... لِبَاس اصْطِبَارِي والغرام جَدِيد)

(وتالله لَا عَاد الخيال وَإِنَّمَا ... تخيله الأفكار لي فَيَعُود)

(فيا لائمي كف الملام وَلَا تزد ... فَمَا فَوق وجدي والغرام مزِيد)

(ولي كبد حرى وطرف مسهد ... وقلب يحب الغانيات عميد)

(أَلا فِي سَبِيل الْحبّ من مَاتَ صبوة ... وَمن قتلته الغيد فَهُوَ شَهِيد)

(وَلم تَرَ عَيْني مثل أَسمَاء خلة ... تضن بوصلي والخيال يجود)

(تجدّد أشجاني بهَا وصبابتي ... معاهد أقوت باللوى وعهود)

(رعى الله بيضًا من لَيَال وصلتها ... ببيض حسان والمفارق سود)

(وَبت وجخ اللَّيْل مرخ سدوله ... أضم غصون البان وَهِي قدود)

(وأرشف رَاحا روقتها مباسم ... واقطف وردا أنبتته خدود)

(إِلَى أَن تبدى الصُّبْح غير مذمم ... وَزَالَ ظلام اللَّيْل وَهُوَ حميد)

(وَكَيف أَذمّ الصُّبْح أَو لَا أوده ... وَإِن ريع مودود بِهِ وودود)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015