وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة تِسْعمائَة وَسبع وَأَرْبَعُونَ سنة

وَإِذا أضيف إِلَى هَذِه الْجُمْلَة عمر جالينوس وَمَا بَين مولده إِلَى صعُود الْمَسِيح إِلَى السَّمَاء وَهُوَ مئة وَسِتُّونَ سنة يصبح الْجَمِيع أَعنِي من صعُود الْمَسِيح إِلَى سنتنا هَذِه ألف وَمِائَة وَسبع سِنِين الْجُمْلَة غلط وَهِي تنقص بالتفصيل

وَمن مثل هَذَا التَّارِيخ يضل النَّاس لأَنهم يقلدون أَصْحَاب التواريخ فيضلون

وَوجه الْغَلَط فِي هَذِه الْجُمْلَة يتَبَيَّن من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا من تَارِيخ الْمَسِيح وَالْأُخْرَى من تَارِيخ جالينوس

وَقد ذكرناهما فِيمَا تقدم ذكرا شافيا فَمن أحب امتحان ذَلِك فَليرْجع إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يتَبَيَّن لَهُ من التَّفْصِيل الْمَذْكُور

فَإِن للمسيح مُنْذُ ولد ألف سنة وثماني عشرَة سنة وجالينوس تِسْعمائَة وَثَلَاث عشرَة سنة وَهَذَا خلف عَظِيم وَغلط بَين

قَالَ وَأَنا استطرف كَيفَ مر مثل هَذَا مَعَ بَيَان الْمَوَاضِع الَّتِي استدللنا بهَا من كَلَام جالينوس وَمن أوضاع أَصْحَاب التواريخ الصَّحِيحَة

واستطرف أَيْضا كَيفَ لم يتَنَبَّه إِلَى فصل ورد فِي كتاب الْأَخْلَاق تبين فِيهِ غلط تَارِيخ هَذِه الْمدَّة فَصَارَت الْمِائَة سنة

وَقد يكون سَبَب هَذَا الْغَلَط من النساخ وَيسْتَمر حَتَّى تحصل حجَّة يضل بهَا من لم يفحص عَن حقائق الْأُمُور

وَهَذِه نُسْخَة الْفَصْل من كتاب الْأَخْلَاق بِعَيْنِه قَالَ جالينوس

وَقد رَأينَا نَحن فِي هَذَا الزَّمَان عبيدا فعلوا هَذَا الْفِعْل دون الْأَحْرَار لأَنهم كَانُوا فِي طبائعهم أخيارا

وَذَلِكَ أَنه لما مَاتَ فرونيموس وَكَانَ مَوته فِي السّنة التَّاسِعَة من ملك قومودس وَفِي سنة خَمْسمِائَة وست عشرَة من ملك الْإِسْكَنْدَر وَكَانَ الوزيران فِي ذَلِك الْوَقْت ماطروس وأيروس تتبع قوم كثير عَددهمْ وعدت عبيدهم ليفشوا على مواليهم مَا فعلوا

وَهَذَا خلف عَظِيم لَا سِيمَا لما ذكره إِسْحَق لِأَنَّهُ يحصل بَينه اخْتِلَاف عَظِيم إِلَى وَفَاة جالينوس يَقْتَضِي بِأَن تكون على مَا ذكره إِسْحَق من أَن عمره كَانَ سبعا وَثَمَانِينَ سنة فِي هَذِه السّنة الْمَذْكُورَة وَهِي سنة خَمْسمِائَة وست عشرَة للاسكندر

وَيَقْتَضِي أَن يكون هَذَا الْكتاب آخر مَا عمله أَعنِي كتاب الْأَخْلَاق لِأَنَّهُ وَقت وَفَاته يجب أَن يكون الْوَقْت الَّذِي ذكر فِيهِ أَمر العبيد والتاريخ

وَقد رَأَيْنَاهُ ذكره فِي كتاب آخر يدل على أَنه قد عمل بعده وَأَنه عَاشَ بعد هَذَا الْوَقْت زمَان مَا يجوز السّنة الْمَذْكُورَة عدته فقد بَان تنَاقض تَارِيخه وَفَسَاد جملَته

وَلَو فَرضنَا الْأَمر على مَا ذكره لم يجب لَهُ أَن يغْفل مثل هَذَا التَّارِيخ الْبَين الْجَلِيّ وبثبت جملَة مَا تحصل وَلَا يَصح

وَمَا يشْهد بِأَن الْمَسِيح كَانَ قبل جالينوس بِمدَّة من الزَّمَان مَا ذكره جالينوس بِمدَّة من الزَّمَان مَا ذكره جالينوس فِي تَفْسِير كتاب أفلاطون فِي السياسة المدنية وَهَذَا نَص قَوْله

قَالَ جالينوس من ذَلِك قد نرى الْقَوْم الَّذين يدعونَ نَصَارَى إِنَّمَا اخذوا إِيمَانهم عَن الرموز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015