فصل

فأما التقديم في الكلام مع أبي حنيفة فيستدل بظاهر قوله - تعالى -: {فاغسلوا وجوهكم}، إلى قوله: {وأرجلكم}، وبالخبر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غسل الرجلين إلا أن يقوم دليل. وحصل الاتفاق منها ومنه على جواز المسح مع الخرق اليسير، ولم يقم دليل على جوازه مع الخرق الذي هو مقدر.

فإن قيل: الأخبار الواردة في جواز المسح لم يفرق فيها بين القليل والكثير.

قيل: لم يرد فيها حد محدود، فمن قدر بثلاث أصابع فعليه الدليل، والقديرات تحتاج إلى دليل من صاحب الشرع عليه السلام، ولما لم يكن في تقدير الخرق دلالة من كتاب ولا سنة ولا اتفاق ولا قياس لم يثبت حكمه، وقد ثبت في الأصول العفو عما يغلب على الظن قلته، كما ذكرنا في العمل القليل في الصلاة، والغرر اليسير في البياعات.

وأيضا فإنه لا ينفك في قدر ذلك بثلاث أصابع ممن قدره بأربع أصابع أو أصبعين بغير دليل.

وأيضا فإنهم يقولون: إن التقديرات والحدود والكفارات لا تؤخذ قياسا، وهذا من التقدير الذي لا أصل له يرجع إليه، فلا ينبغي أن يثبت من جهة القياس لو كان هناك أصل يقاس عليه، نحن نعلم أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015