مَنْ حُرِمَ الثَّوَابُ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته. وقد ذكر أن هذا المعزية هُوَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلامُ [1] .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَوْمُ الاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ: فَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَجُمْهُورُ النَّاسِ أَنَّهُ: الثَّانِي عَشَرَ. قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سَالِمٍ: وَهَذَا لا يَصِحُّ، وَقَدْ جَرَى فِيهِ عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنَ الْغَلَطِ مَا عَلَيْنَا بَيَانُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَهُ السُّهَيْلِيُّ إِلَى بَيَانِهِ، لأَنَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ كَانَتْ وَقْفَتُهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ يَوْم الاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَوَاءَ أَتَمَّتِ الأَشْهُرُ كُلُّهَا أَوْ نَقَصَتْ كُلُّهَا، أَوْ تَمَّ بَعْضُهَا وَنَقَصَ بَعْضُهَا. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارَزْمِيُّ: أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْهُ، وَكِلاهُمَا مُمْكِنٌ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَجَّتْهُ الْمَلائِكَةُ [2] دُهِشَ النَّاسُ، وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ، وَاخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَأَمَّا عُمَرُ فَكَانَ مِمَّنْ خُبِلَ [3] ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَاتَ، وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ حِينَ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ. وَأَمَّا عُثْمَانُ فَأُخْرِسَ حَتَّى جَعَلَ يُذْهَبُ بِهِ وَيُجَاءُ وَهُوَ لا يَتَكَلَّمُ. وَأُقْعِدَ عَلِيٌّ، وَأُضْنِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ مِنَ الضَّنَى، وَهُوَ الْمَرَضُ. وَبَلَغَ أَبَا بَكْرٍ الْخَبَرُ، وَكَانَ بِالسُّنْحِ، فَجَاءَ وَعَيْنَاهُ تَهْمِلانِ، فَقَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْكِي، وَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَتَكَلَّمَ كَلامًا بَلِيغًا سَكَنَ بِهِ نُفُوسُ الْمُسْلِمِينَ، وَثَبَتَ جَأْشُهُمْ، وَكَانَ أَثْبَتَ الْقَوْمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَغَسَّلَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَابْنَاهُ: الْفَضْلُ وَقُثَمُ، وَمَوْلَيَاهُ: أُسَامَةُ وَشُقْرَانُ، وَحَضَرَهُمْ أَوْسُ بْنُ خَوْلَى الأَنْصَارِيُّ، وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَفْذَاذًا [4] لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ، وَفُرِشَ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ كَانَ يَتَغَطَّى بِهَا، وَدَخَلَ قَبْرَهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ وَشُقْرَانُ، وَأُطْبِقَ عَلَيْهِ تِسْعُ لَبِنَاتٍ، وَدُفِنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَوَفَّاهُ اللَّهُ فِيهِ حَوْلَ فِرَاشِهِ، وَكَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي غُسْلِهِ، فَقَالُوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله في ثيابه كما نجرد مَوْتَانَا، أَوْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا ألقى الله عليهم النوم، وكلمهم