عيون الاثر (صفحة 693)

والملك لا شريك لك» . وقد روى أن عَلَيْهِ السَّلامُ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: «لَّبَيْكَ إِلَهَ الْخَلْقِ» وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ، وَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ زَوْجُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ، وَتُحْرِمَ وَتُهِلَّ، ثُمَّ نَهَضَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَصَلَّى الظُّهْرَ بِالْبَيْدَاءِ ثُمَّ تَمَادَى، وَاسْتَهَلَّ هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لَيْلَةَ الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنْ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرِفَ حَاضَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَكَانَتْ قَدْ أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم أن تغتسل وتنقض رَأْسَهَا وَتَمْتَشِطَ وَتَتْرُكَ الْعُمْرَةَ وَتَدَعَهَا وَتَرْفُضَهَا وَلَمْ تَحِلَّ مِنْهَا، وَتَدْخُلَ عَلَى الْعُمْرَةِ حَجًّا وَتَعْمَلَ جَمِيعَ أَعْمَالِ الْحَجِّ حَاشَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ مَا لَمْ تَطْهُرْ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ بِسَرِفَ لِلنَّاسِ: «مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ وَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلا» .

فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا عُمْرَةً كَمَا أُبِيحَ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَمَادَى عَلَى نِيَّةِ الْحَجِّ وَلَمْ يَجَعَلْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا فِيمَنْ لا هَدْيَ مَعَهُ، وَأَمَّا مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلَمْ يَجْعَلْهَا عُمْرَةً أَصْلا. وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يُهِلَّ بِالْقِرَانِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا، ثُمَّ نَهَضَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى أَنْ نَزَلَ بِذِي طُوًى [1] ، فَبَاتَ بِهَا لَيْلَةَ الأَحَدِ لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ لِذِي الْحَجَّةِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ بِهَا، وَدَخَلَ مَكَّةَ نَهَارًا مِنْ أَعْلاهَا مِنْ كَدَاءٍ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا صَبِيحَةَ يَوْمَ الأَحَدِ الْمَذْكُورِ الْمُؤَرَّخِ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ، وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَعْبَهِ سَبْعًا، وَرَمَلَ ثَلاثًا مِنْهَا، وَمَشَى أَرَبْعًا يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَلا يَمَسُّ الرُّكْنَيْنِ الآخَرَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْحِجْرِ وَقَالَ بَيْنَهُمَا: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ [2] ثُمَّ صَلَّى عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [3] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [4] جَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِذَا أَتَى الْمَقَامِ:

وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [5] ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَقَرَأَ إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ أبدأ بما بدى اللَّهُ بِهِ فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْضًا سَبْعًا رَاكِبًا عَلَى بَعِيرِهِ، يَخُبُّ ثَلاثًا وَيَمْشِي أربعا، إذا رقى الصفا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015