فَأَخْبَرُونَا أَنَّهُ لا إِسْلامَ لِمَنْ لا هِجْرَةَ لَهُ، وَلَنَا أَمْوَالٌ وَمَوَاشٍ وَهِيَ مَعَايِشُنَا، فَإِنْ كَانَ لا إِسْلامَ لِمَنْ لا هِجْرَةَ لَهُ فَلا خَيْرَ فِي أَمْوَالِنَا بِعْنَاهَا وَهَاجَرْنَا مِنْ آخِرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «اتقوا الله حيث كنتم فلن يلتكم [ (?) ] مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا» وَسَأَلَهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ: «هَلْ لَهُ عَقِبٌ» ؟ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لا عَقِبَ لَهُ، كَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَانْقَرَضَتْ، وَأَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَالَ: «نَبِيٌّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ» .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقَدِمَ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد غَامِدٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَهْمُ عَشَرَةٌ، فَنَزَلُوا فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أثلٌ وطرفاءُ [ (?) ] ، ثُمَّ انْطَلَقُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَلَّفُوا عِنْدَ رَحْلِهِمْ أَحْدَثَهُمْ سِنًّا فَنَامَ عَنْهُ، وَأَتَى سَارِقٌ وَسَرَقَ عَيْبَةً [ (?) ] لأَحَدِهِمْ فِيهَا أَثْوَابٌ لَهُ.
وَانْتَهَى الْقَوْمُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، وَأَقَرُّوا لَهُ بِالإِسْلامِ، وَكتب لَهُمْ كِتَابًا فِيهِ شَرَائِعُ، مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلامِ وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ خَلَّفْتُمْ فِي رِحَالِكُمْ، قَالُوا: أَحْدَثَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّهُ قَدْ نَامَ عَنْ مَتَاعِكُمْ حَتَّى أَتَى آتٍ فَأَخَذَ عَيْبَةَ أَحَدِكُمْ، فَقَالَ أَحَدُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لأَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ عَيْبَةٌ غَيْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ أُخِذَتْ وَرُدَّتْ إِلَى مَوْضِعِهَا»
فَخَرَجَ الْقَوْمُ سِرَاعًا حَتَّى أَتَوْا رَحْلَهُمْ، فَوَجَدُوا صَاحِبَهُمْ، فَسَأَلُوهُ عَمَّا خَبَّرَهُمْ بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: فَزِعْتُ مِنْ نَوْمِي فَفَقَدْتُ الْعَيْبَةَ، فَقُمْتُ فِي طَلَبِهَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ كَانَ قَاعِدًا، فَلَمَّا رَآنِي ثَارَ يَعْدُو مِنِّي، فَانْتَهَيْتُ إِلَى حَيْثُ انْتَهَى، فَإِذَا أَثَرُ حَفْرٍ، وَإِذَا هُوَ قَدْ غَيَّبَ الْعَيْبَةَ، فَاسْتَخْرَجْتُهَا، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم، فإنه قد أخبرنا بأخذها، وأنها قد وردت، فَرَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ، وَجَاءَ الْغُلامُ الَّذِي خَلَّفُوهُ فَأَسْلَمَ. وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَعَلَّمَهُمْ قُرْآنًا، وَأَجَازَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُجِيزُ الْوُفُودَ، وَانْصَرَفُوا.
وَقَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ النَّخَعِ، وَهُمْ آخِرُ وَفْدٍ، قدموا للنصف من