عيون الاثر (صفحة 605)

فَلَمَّا فَرَغَ حَسَّانٌ قَالَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمُؤْتًى لَهُ لَخَطِيبُهُ أَخْطَبُ مِنْ خَطِيبِنَا، وَلَشَاعِرُهُ أَشْعَرُ مِنْ شَاعِرِنَا، وَلَأَصْوَاتُهُمْ أَعْلَى مِنْ أَصْوَاتِنَا، فَلَمَّا فَرَغَ الْقَوْمُ أَسْلَمُوا، وَجَوَّزَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَنَ جَوَائِزَهُمْ.

ذِكْرُ فَوَائِدَ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْخَبَرِ

وَالْكَلامُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ غَرِيبِ شِعْرِهِ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ لَقَبٌ، وَاسْمُهُ: فِرَاسٌ، وَكَانَ فِي رَأْسِهِ قَرَعٌ، فَلُقِّبَ بِذَلِكَ.

ذُكِرَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ. وَاسْمُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ حُذَيْفَةُ، وَكَانَتْ عَيْنُهُ جَحَظَتْ فَلُقِّبَ بِذَلِكَ. وَالزِّبْرِقَانُ الْقَمَرُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

تُضِيءُ بِهِ الْمَنَابِرُ حِينَ يَرْقَى ... عَلَيْهَا مِثْلَ ضَوْءِ الزِّبْرِقَانِ

وَالزِّبْرِقَانُ: الْخَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ، وَاسْمُهُ: الْحُصَيْنُ. وَقَوْلُهُ: (إِذَا لَمْ يُؤْنَسِ الْفَزَعُ) يُرِيدُ إِذَا كَانَ الْجَدْبُ وَلَمْ يَكُنْ فِي السَّمَاءِ سَحَابٌ يَتَفَزَّعُ، وَالتَّفَزُّعُ: تَفَرُّقُ السَّحَابِ. وَالْكومُ: جَمْعُ كَوْمَاءَ، وَهِيَ الْعَظِيمَةُ السَّنَامِ. وَالاعْتِبَاطُ: الْمَوْتُ فِي الْحَدَاثَةِ. قَالَ: مَنْ لَمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَمًا. وَمَتَعُوا: ارْتَفَعُوا، مَتَعَ النَّهَارُ إِذَا ارْتَفَعَ.

وَالذَّرْعُ: وَلَدُ الْبَقَرِ، وَجَمْعُهُ ذِرْعَانٌ، وَبَقَرَةٌ مُذَرَّعٌ: إِذَا كَانَتْ ذَاتَ ذِرْعَانٍ، وَالسَّلَعُ:

شَجَرٌ مُرٌّ. وَشَمَعُوا: أَيْ ضَحِكُوا،

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ تَتَبَّعَ الْمَشْمَعَةَ شَمَّعَ اللَّهُ بِهِ»

يُرِيدُ مَنْ ضَحِكَ مِنَ النَّاسِ فَأَفْرَطَ فِي الْمَزْحِ، وَشَمَعَتِ الْجَارِيَةُ وَالدَّابَّةُ شُمُوعًا لَعِبَتْ، وَمَعْنَاهُ فِي الْبَيْتِ: هَزَلُوا، وَمِنْهُ امْرَأَةٌ شَمُوعٌ إِذَا كَانَتْ مَزَّاحَةً. وَذُكِرَ أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ كَانَ يَبْغَضُ عَمْرَو بْنَ الأَهْتَمِ، وَهُوَ الَّذِي ضَرَبَ أَبَاهُ فَهَتَمَ فَاهُ [1] فَشُهِرَ بِالأَهْتَمِ، وَاسْمُهُ: سِنَانُ بْنُ سُمَيٍّ فَغَضَّ مِنْهُ بَعْضَ الْغَضِّ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ ذَلِكَ فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا أَعْطَى الْقَوْمَ. وَلَمَّا دَارَ بَيْنَ عَمْرٍو وَزِبْرِقَانَ،

قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَئِذٍ: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» .

وَذَلِكَ أَنَّ عَمْرًا قَالَ فِي الزبرقان: إنه لمطاع في أذنيه، سَيِّدٌ فِي عَشِيرَتِهِ، فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ: لَقَدْ حَسَدَنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ لِشَرَفِي، وَلَقَدْ عَلِمَ أَفْضَلَ مِمَّا قَالَ، فَقَالَ عَمْرٌو: أَنَّهُ لَزِيرُ الْمُرُوءَةِ، ضَيِّقُ الْعَطَنِ، لَئِيمُ الْخَالِ، فَعُرِفَ الإِنْكَارُ فِي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَضِيتُ فَقُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَسَخِطْتَ فَقُلْتُ أَقْبَحَ مَا عَلِمْتَ، وَلَقَدْ صَدَقْتُ فِي الأُولَى وَمَا كَذَبْتُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُقَالُ: كَانَتْ أُمُّ الزِّبْرِقَانِ بَاهِلِيَّةً، فَذَلِكَ أراد عمرو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015