عيون الاثر (صفحة 559)

سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ إِلَى الْغَابَةِ

قَالَ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ إسحق: تزوجت امرأة من قومي [فأصدقتها مائتي درهم] [1] فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي، فَقَالَ: «وَكَمْ أَصْدَقْتَ» ؟

قُلْتُ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَ الدَّرَاهِمَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ مَا زِدْتُمْ، وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ بِهِ» . قَالَ: فَلَبِثْتُ أَيَّامًا، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ، أَوْ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ، فِي بَطْنٍ عَظِيمٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ حَتَّى يَنْزِلَ بِقَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ بِالْغَابَةِ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قَيْسًا عَلَى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ ذَا اسْمٍ فِي جُشَمَ، وَشَرَفٍ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَيْنِ مَعِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ:

«اخْرُجُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ» . قَالَ وَقَدَّمَ لَنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ [2] ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدُنَا، فَوَاللَّهِ مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا حَتَّى دَعَمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ، ثُمَّ قَالَ: «تَبَلَّغُوا عَلَيْهَا وَاعْتَقِبُوهَا»

قَالَ: فَخَرَجْنَا وَمَعَنَا سِلاحُنَا مِنَ النَّبْلِ وَالسُّيُوفِ، حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ عُشَيْشِيَّةً [3] مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، كَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ فَكَمَنَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ حَاضِرِ الْقَوْمِ وَقُلْتُ لَهُمَا: إِذَا سَمِعْتُمَانِي قَدْ كَبَّرْتُ وَشَدَدْتُ في ناحية العسكر فكبرا وشدا معي، [قال] [4] فَوَاللَّهِ أَنَّا لَكَذَلِكَ نَنْتَظِرُ غِرَّةَ الْقَوْمِ [5] أَوْ نُصِيبَ مِنْهُمْ شَيْئًا وَقَدْ غَشِيَنَا اللَّيْلُ حَتَّى ذهب فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، وَكَانَ لَهُمْ رَاعٍ سَرَحَ فِي ذلك البلد فأبطا عليهم حتى تخوفوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015