عيون الاثر (صفحة 509)

مِنْ بَنِي مَالِكٍ مِنْ ثَقِيفٍ، فَتَهَايَجَ الْحَيَّانِ مِنْ ثَقِيفٍ، وَبَنُو مَالِكٍ رَهْطُ الْمَقْتُولِينَ، وَالأَحْلَافُ رَهْطُ الْمُغِيرَةِ، فَوَدَى عُرْوَةُ الْمَقْتُولِينَ ثَلاثَةَ عَشَرَ دية، وأصلح ذلك الأمر.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَلَّمَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِمَّا كَلَّمَ بِهِ أَصْحَابَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ يُرِيدُ حَرْبًا، فَقَامَ من عند رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَقَدْ رَأَى مَا يَصْنَعُ بِهِ أَصْحَابُهُ، لا يَتَوَضَّأُ إِلَّا ابْتَدَرُوا وَضُوءَهُ، وَلا يَبْصُقُ بُصَاقًا إِلَّا ابْتَدَرُوهُ، وَلا يَسْقُطُ مِنْ شَعْرِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَخَذُوهُ [1] ، فَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنِّي جِئْتُ كِسْرَى فِي مُلْكِهِ، وَقَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ، وَالنَّجَاشِيَّ فِي مُلْكِهِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَلِكًا فِي قَوْمٍ قَطُّ مِثْلَ مُحَمَّد فِي أَصْحَابِهِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ قَوْمًا لا يُسْلِمُونَهُ لشيء أبدا، فروا رأيكم.

وقال ابن إسحق، فحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا خِرَاشَ بْنَ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيَّ، فَبَعَثَهُ إِلَى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ، وَحَمَلَهُ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الثَّعْلَبُ، لِيُبَلِّغَ أَشْرَافَهُمْ عَنْهُ مَا جَاءَ لَهُ، فَعَقَرُوا بِهِ جَمَلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأرادوا قتله، فمنعه [2] الأحبايش، فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، حَتَّى أَتَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم.

وحَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ لا أَتَّهِمُ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْن عَبَّاسٍ، أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا بَعَثُوا أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْهُمْ أَوْ خَمْسِينَ رَجُلا، وَأَمَرُوهُمْ أَنْ يُطِيفُوا بِعَسْكَرِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصِيبُوا لَهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، فَأَخَذُوا أَخْذًا، فَأَتَى بِهِمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَفَا عَنْهُمْ وَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، وَقَدْ كَانُوا رَمَوْا فِي عَسْكَرِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّبْلِ، ثُمَّ دَعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لِيَبْعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ، فَيُبَلِّغَ عَنْهُ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مَا جَاءَ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى نَفْسِي بِمَكَّةَ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ أَحَدٌ يَمْنَعُنِي، وَقَدْ عَرَفَتْ قريش عدواني إِيَّاهَا، وَغِلْظَتِي عَلَيْهَا، وَلَكِنْ [3] أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ أَعَزَّ بِهَا مِنِّي، عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَدَعَا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بْنِ عَفَّانَ فَبَعَثَهُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَأَشْرَافِ قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِحَرْبٍ، وَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلَّا زَائِرًا لِهَذَا الْبَيْتِ، وَمُعَظِّمًا لِحُرْمَتِهِ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى مَكَّةَ، فَلَقِيَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا فَجَعَلَهُ [4] بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَجَارَهُ حَتَّى بَلَّغَ رِسَالَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015