فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا،
وَذَكَر أَبُو عُبَيْدٍ هَذَا الْخَبَرَ، وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَكَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ إن أسلم» .
قال ابن إسحق: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَمَرَ أَنْ يَقْتُلَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، كُلَّ مَنْ أَنْبَتَ [1] ، وَكُنْتُ غُلامًا، فَوَجَدُونِي لَمْ أَنْبُتْ فَخَلُّوا سَبِيلِي، وَسَأَلَتْ أُمُّ الْمُنْذِرِ سَلْمَى بِنْتُ قَيْسٍ أُخْتُ سُلَيْطٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ إِحْدَى خَالاتِهِ رِفَاعَة بْن سَمَوْأَلٍ الْقُرَظِيّ وَكَانَ قَدْ بَلَغَ، قَالَتْ: فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ سَيُصَلِّي وَيَأْكُلُ لَحْمَ الْجَمَلِ فَوَهَبَهُ لَهَا، ثُمَّ خُمِّسَتْ غَنَائِمُهُمْ، وَقُسِّمَتْ لِلْفَارِسِ ثَلاثَةُ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، وَلِلرَاجِلِ سَهْمٌ، وَهُوَ أَوَّلُ فَيْءٍ وَقَعَتْ فِيهِ السَّهْمَانِ وَخُمِّسَ وَكَانَتِ الْخَيْلُ سِتَّةً وَثَلاثِينَ فَرَسًا.
ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ، أَخَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ بِسَبَايَا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَى نَجْدٍ، فَابْتَاعَ لَهُمْ بِهِمْ خَيْلا وَسِلاحًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اصْطَفَى لِنَفْسِهِ منهم [2] ريحانة بنت عَمْرَو بْنَ خنَافَةَ، إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، فَكَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا (وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .
وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْرِ الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، القصة في سورة الأحزاب [3] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً [4] وَالْجُنُودُ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ وَبَنُو قُرَيْظَةَ، وَكَانَتِ الْجُنُودُ الَّتِي أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَعَ الرِّيحِ الْمَلائِكَة: [يقول الله تعالى] [5] : إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ بنو قريظة وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ قُرَيْش وَغَطَفَان إِلَى قَوْلِهِ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها- يَعْنِي خَيْبَرَ- وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً.