عيون الاثر (صفحة 454)

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً [1] الآيَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ وَنَفَرٍ مَعَهُ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ، أَوْ سَبْعَةٍ سِوَاهُ، تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ثُمَّ نَدِمُوا، فَتَابُوا وَرَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي، فَكَانَ عَمَلُهُمُ الصَّالِحُ تَوْبَتُهُمْ، والسيء تَخَلُّفُهُمْ عَنِ الْغَزْوِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الذَّنْبَ الَّذِي أَتَاهُ أَبُو لُبَابَةَ كَانَ إِشَارَتُهُ إِلَى حُلَفَائِهِ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّهُ الذَّبْحُ إِنْ نَزَلْتُمْ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ معاذ وإشارته إلى حلقه، فنزلت فيه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ الآية.

قال ابن إسحق: ثُمَّ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأُسَيْدَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأُسَيْدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ هدل، ليسوا من بني قريظة ولا النضير، نَسَبُهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَهُمْ بَنُو عَمِّ الْقَوْمِ، أَسْلَمُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَمْرُو بْنُ سَعْدِيٍّ الْقُرَظِيُّ، فَمَرَّ بِحَرَسِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قال: أنا عمرو بن سعدي، وكان عمر قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرِهِمْ برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: لا أَغْدِرُ بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْن مَسْلَمَةَ حِينَ عَرَفَهُ: اللَّهُمَّ لا تحرمني إقالة] [2] عَثَرَاتِ الْكِرَامِ، ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ فَخَرَج عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى بَاتَ [3] فِي مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ وُجِّهَ مِنَ الأَرْضِ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، فَذُكِرَ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنُهُ، فَقَالَ: ذَلِكَ رجل تجاه اللَّه بِوَفَائِهِ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَهُّ كَانَ أَوْثَقَ بُرْمَةً [4] فِيمَنْ أَوْثَقَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَصْبَحَتْ رُمَّتُهُ مُلْقَاةً، وَلا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، فَاللَّهِ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَوَاثَبَتِ الأَوْسُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنهم مَوَالِينَا دُونَ الْخَزْرَجِ، وَقَدْ فَعَلْتَ فِي مَوَالِي إِخْوَانِنَا بِالأَمْسِ مَا قَدْ عَلِمْتَ. وَقَدْ كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بَنِي قُرَيْظَةَ قَدْ حَاصَرَ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْخَزْرَجِ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَسَأَلَهُ إِيَّاهُمْ عبد الله بن أبي ابن سَلُولٍ، فَوَهَبَهُمْ لَهُ،

فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ الأَوْسُ قَالَ رسول الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015