عيون الاثر (صفحة 441)

يَبْرَحُوا حَتَّى نَسْتَأْصِلَ مُحَمَّدا وَمَنْ مَعَهُ، قَالَ لَهُ كَعْبٌ: جِئْتَنِي وَاللَّهِ بِذُلِّ الدَّهْرِ، وَبِجِهَامٍ [1] قَدْ هراق مَاءَهُ، يَرْعُدُ وَيَبْرُقُ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَيْحَكَ يَا حُيَيُّ، دَعْنِي وَمَا أَنَا عَلَيْهِ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا صِدْقًا وَوَفَاءً، فَلَمْ يَزَلْ حُيَيٌّ بِكَعْبٍ يَفْتلُهُ فِي الذُّرْوَةِ وَالْغَارِبِ، حَتَّى سَمَحَ لَهُ، عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ عَهْدًا مِنَ اللَّه وَمِيثَاقًا لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَان وَلَمْ يُصِيبُوا مُحَمَّدا أَنْ أَدْخُلَ مَعَكَ فِي حِصْنِكَ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ، فَنَقَضَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ عَهْدَهُ، وَبَرِئَ مِمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ الْخَبَرُ وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ بَعَثَ رَسُول اللَّه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ [2] وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ [3] وَمَعَهُمَا ابْنُ رَوَاحَةَ [4] ، وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَنْظُرُوا أَحَقٌّ مَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ [5] ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْحَنُوا إِلَيَّ لَحْنًا حَتَّى أَعْرِفَهُ، وَلا تَفُتُّوا فِي أَعْضَادِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانُوا على الفواء فيما بيننا وبينهم فاجهروا بذلك للناس، فحرجوا حَتَّى أَتَوْهُمْ، فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَثِ مَا بَلَغَهُمْ عنهم فيما نَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَقَالُوا: مَنْ رَسُولُ اللَّه، لا عَهْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد وَلا عَقْدَ، فَشَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَشَاتَمُوهُ، وَكَانَ رَجُلا فِيهِ حِدَّةٌ، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: دَعْ عَنْكَ مُشَاتَمَتَهُمْ، فَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى مِنَ الْمُشَاتَمَةِ- وَذَكَرَ ابْن عَائِذٍ أَنَّ الَّذِي شَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالَّذِي قَالَ لَهُ: مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى مِنَ الْمُشَاتَمَةِ، سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ-

ثُمَّ أَقْبَلَ سَعْدٌ وَسَعْدٌ وَمَنْ مَعَهُمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثم قالوا: عضل والقارة، أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجع، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ» .

وَعَظُمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَلاء، وَاشْتَدَّ الْخَوْفُ، وَأَتَاهُمْ عَدُوُّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَل مِنْهُمْ، حَتَّى ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ كل ظن، ونجم النفاق من بعض المنافقين، حتى قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015