رجع إلى خبر ابن إسحق: قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟» فَقَامَ إِلَيْهِ رِجَالٌ، فَأَمْسَكَهُ عَنْهُمْ، حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَضْرِبَ بِهِ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْحَنِي قَالَ: «أَنَا آخُذُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِحَقِّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ رَجُلا شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ إِذَا كَانَتْ [1] ، وَحِينَ رَآهُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَتَبَخْتَرُ قَالَ: إِنَّهَا لِمِشْيَةٍ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ» .
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَنْشَبَ الْحَرْبَ بَيْنَهُمْ: أبو عامر عبد بن عمرو بن صفي بن ملك بْنِ النُّعْمَانِ، أَحَد بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَكَانَ فِيمَا ذكر ابن إسحق عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: خَرَجَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُبَاعِدًا لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ خَمْسُونَ غُلامًا مِنَ الأَوْسِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: خَمْسَةَ عَشَرَ [2] ، وَكَانَ يَعِدُ قُرَيْشًا أَنْ لَوْ لَقِيَ قَوْمَهُ لم بتخلف عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلانِ، فَلَقِيَهُمْ فِي الأَحَابِيشِ [3] وَعَبْدَان أَهْل مَكَّةَ، فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ، أَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالُوا: فَلا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عينا يا فاسق وكان [أبو عامر] [4] يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ: الرَّاهِبَ. فَسَمَّاهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْفَاسِقَ، فَلَمَّا سَمِعَ رَدَّهُمْ عَلَيْهِ قَالَ: لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرٌّ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ رَاضَخَهُمْ بالحجارة [5] .
قال ابن إسحق: وَقَدْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لأَصْحَابِ اللِّوَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ [6] : يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ إِنَّكُمْ قَدْ وَلَّيْتُمْ لِوَاءَنَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَصَابَنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى النَّاس مِنْ قِبَلِ رَايَاتِهِمْ، إِذَا زَالَتْ زَالُوا، فَأَمَّا أَنْ تَكْفُونَا لِوَاءَنَا، وَإِمَّا أَنْ تخلو بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَنُكْفِيكُمُوهُ، فَهَمُّوا بِهِ وَتَوَعَّدُوهُ وَقَالُوا نحن نسلم إليك لواءنا،