وعشيرتنا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألحمنه [1] السَّيْفَ. قَالَ: فَبَلَغَتْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: «يَا أَبَا حَفْصٍ» فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ أَنَّهُ لأَوَّلُ يَوْمٍ كَنَّانِي فِيهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي حَفْصٍ، «أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي فَلأَضْرِبُ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَافَقَ، فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ يَقُولُ: مَا أَنَا بِآمنٍ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُهَا يَوْمَئِذٍ وَلا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا إِلَّا أَنْ تُكَفِّرَهَا عَنِّي الشَّهَادَةُ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا [2] .
فَلَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيّ الْمُجذرُ بْنُ ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَانَا عَنْ قَتْلِكَ، وَمَعَ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ زَمِيلٌ لَهُ، خَرَجَ مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ جُنَادَةُ بْنُ مُلَيْحَةَ [3] قَالَ: وَزَمِيلِي، قَالَ لَهُ الْمجذرُ: لا والله مَا نَحْنُ بِتَارِكِي زَمِيلَكَ، مَا أَمَرَنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِكَ وحدك، قال: ولا والله، إذن لأَمُوتَنَّ أَنَا وَهُوَ جَمِيعًا، لا تُحَدِّثُ عَنِّي نِسَاءُ مَكَّةَ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حِرْصًا عَلَى الْحَيَاةِ، فَقَتَلَهُ الْمجذرُ، ثُمَّ أَتَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ جَهَدْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْسِرَ فَآتِيكَ بِهِ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَنِي، فَقَاتَلَنِي فَقَتَلْتُهُ.
قَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّ أَبَا الْيُسْرِ قَتَلَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بْنَ هِشَامٍ، وَيَأْبَى عظم النَّاس إِلَّا أَنَّ الْمجذرَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، بَلْ قَتَلَهُ غَيْر شَكٍّ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ وَسَلَبَهُ سَيْفَهُ، فَكَانَ عِنْدَ بَنِيهِ حَتَّى بَاعَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضِ وَلَدِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ.
قَالَ ابن إسحق: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وحَدَّثَنِيه أيضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ لَقِيَهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَمَعَهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أدراعا اسْتَلَبَهَا قَالَ: هَلْ لَكَ فِيَّ فَأَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ هَذِهِ الأَدْرَاعِ الَّتِي مَعَكَ، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، فَطَرَحْتُ الأَدْرَاعَ مِنْ يَدِي، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَيَدِ ابْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، أَمَا لَكُمْ حَاجَةٌ فِي اللّبنِ، ثم خرجت أمشي