الأَعْرَابِ، فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّاسِ، فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَهُ خَبَرًا [1] ، ثُمَّ ارْتَحَلَ حَتَّى أَتَى عَلَى وَادٍ يُقَالُ لَهُ: زفرانُ وَجَذَعَ فِيهِ، ثُمَّ نَزَلَ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ عَنْ قُرَيْشٍ بِمَسِيرِهِمْ لِيَمْنَعُوا عِيرَهُمْ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قُرَيْشٍ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَالَ وَاحسن، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ وَاحسن، ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ امْضِ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ، فَنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ، فَقَاتِلا إِنَّا مَعَكُمَا مقاتلون، فو الذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بركِ الغماد [2] لجلدنا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى نَبْلُغَهُ،
فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ» ،
فَذَكَرَ ابْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ عَائِذٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهَا قُرَيْشٌ وَعِزُّهَا، وَاللَّهِ مَا ذُلَّتْ مُنْذُ عُزَّتْ، وَلا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتٍ، وَاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّكَ فَاتَّهِبْ لِذَلِكَ أُهْبَتَهُ، وَأَعْدِدْ لذلك عدته.
رجع إلى خبر ابن إسحق: قال: وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا بُرَآءٌ مِنْ ذِمَامِكَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى دِيَارِنَا، فَإِذَا وَصَلْنَا إِلَيْهَا [3] فَأَنْتَ فِي ذِمَّتِنَا، نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّفُ أَنْ لا تَكُونَ الأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نَصْرَهُ إِلَّا مِمَّنْ دَهمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ