الْبَيْضَاوِيُّ قَالا: أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بن هزازمرد، (ح) وقرأت على أبي النور إسماعيل بن نور بْنِ قَمَرٍ الْهِيتِيِّ: أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ موسى بن الشيخ عبد القادر الجبلي قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ
قَالَ: أنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الْحَسَنِ بْنِ الْبَنَّاءِ قَالَ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبُسْرِيِّ قَالا: أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُخَلِّصُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (يَعْنِي الْبَغَوِيَّ) ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، ثَنَا الْحَسَنُ عَنْ أَنَسِ بن مالك قال: كان رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جَنْبِ خَشَبَةٍ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرَ الناس قال: «أنبوا لي منبرا» قال: فبنوا له منبرا لَهُ عَتَبَتَانِ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ حَنَّتِ الْخَشَبَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَنَسٌ: وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعْتُ الْخَشَبَةَ تَحِنُّ حَنِينَ الْوَالِهِ، فَمَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهَا فَاحْتَضَنَهَا فَسَكَنَتْ،
فَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا حُدِّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى ثُمَّ قَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْهُمْ، أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَبُرَيْدَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، كُلُّهُمْ يُحَدِّثُ بِمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَحَدِيثُ أَنَسٍ صَحِيحٌ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ سَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ، وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ: حَتَّى ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِخُوَارِهِ، وَفِي رِوَايَةِ سَهْلٍ: وَكَثُرَ بُكَاءُ النَّاسِ لِمَا رَأَوْا فِيهِ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُطَّلِبِ: حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَسَكَتَ، زَادَ غَيْرُهُ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ» ، وَزَادَ غَيْرُهُ، «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمِ الْتَزِمْهُ لَمْ يَزَلْ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» تَحَزُّنًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ. وَفِي حَدِيثِ أُبَيٍّ أَنَّهُ أَخَذَهُ أُبَيٌّ فَكَانَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ أَكَلَتْهُ الأَرَض وَعَادَ رُفَاتًا، وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فَقَالَ (يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : «إِنْ شِئْتَ أدرك إِلَى الْحَائِطِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ تَنْبُتُ لَكَ عُرُوقُكَ وَيُكْمَلُ خَلْقُكَ وَيُجَدَّدُ لَكَ خُوصٌ وَثَمَرَةٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَغْرِسُكَ فِي الْجَنَّةِ فَيَأْكُلُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ ثَمَرِكَ» ثُمَّ أَصْغَى لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ فَقَالَ: بَلْ تَغْرِسُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَسَمِعَهُ مَنْ يَلِيهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «قَدْ فَعَلْتُ» .
وأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يُوسُفَ الْمَوْصِلِيُّ بِقِرَاءَةِ وَالِدِي عَلَيْهِ قَالَ: أَنَا ابن طبرزذ