إسحق قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي صَفَرٍ غَازِيًا عَلَى رَأْسِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ، حَتَّى بَلَغَ وَدَّانَ، وَكَانَ يُرِيدُ قُرَيْشًا وَبَنِي ضَمْرَةَ، وَهِيَ غَزْوَةُ الأَبْوَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابن هشام. قال ابن إسحق: فَوَادَعَتْهُ فِيهَا بَنُو ضَمْرَةَ، وَكَانَ الَّذِي وَادَعَهُ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ، مَخْشِيُّ بْنُ عَمْرٍو الضَّمْرِيُّ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا.
روينا عن ابن إسحق قَالَ: فَأَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا بَقِيَّةَ صَفَرٍ وَصَدْرًا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَبَعَثَ فِي مَقْدَمِهِ ذَلِكَ عُبَيْدَةَ بن الحرث بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فِي سِتِّينَ أَوْ ثَمَانِينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، لَيْسَ فِيهِمْ مِنَ الأَنْصَارِ أَحَدٌ، فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ مَاءً بِالْحِجَازِ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ الْمرَّةِ، فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا عَظِيمًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، إِلَّا أَنَّ سَعْد بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَدْ رَمَى يَوْمَئِذٍ بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلَ سَهْمٍ رُمِيَ بِهِ فِي الإِسْلامِ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْقَوْمُ عَنِ الْقَوْمِ، وَلِلْمُسْلِمِينَ حَامِيَة، وَفَرَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى المسلمين المقداد بن عمرو [البهراني حليف بني زهرة] [1] وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ [بْنِ جَابِرٍ الْمَازِنِيُّ حَلِيفُ بني نوفل بن عبد مناف] [2] وَكَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَكِنَّهُمَا خَرَجَا لِيَتَوَصَّلا بِالْكُفَّارِ [3] ، وَكَانَ عَلَى الْقَوْمِ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ.
وَقَالَ ابن هشام: [حدثني ابن أبي عمرو بن العلاء عن أبي عمرو المدني أنه كان عليهم] [ (?) ] مكرز بن حفص بن الأخيف.
قال ابن إسحق: فكانت راية عبيدة [بلغني] [5] أَوَّلَ رَايَةٍ [عَقَدَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم لأحد من المسلمين] [6] فِي الإِسْلامِ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَزْعُمُ أَنَّ رَسُول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثه